جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

الدارالبيضاء.. خيار تنخيل الشوارع يضع مجلس المدينة على صفيح ساخن

جورنال أنفو - محمد زكى (صحفي متدرب)

لا يزال ملف تنخيل الشوارع بالدارالبيضاء مغلقا، رغم مطالب الناشطين في مجال البيئة بالنظر فيه و تغيير النخل بالأشجار، لمزاياها العديدة صحيا و بيئيا.

 

في السياق تفقد طاقم جريدة “جورنال أنفو”، أحد الشوارع الرئيسية بعين السبع الدارالبيضاء (طريق الرباط)، الذي يعرف هو الآخر إعتماد التنخيل بدل التشجير، فضلا عن الازدحام في المرور و تلوث الهواء بدخان السيارات و الدراجات النارية.

 

 

 

تحكي سلمى مواطنة كانت على الرصيف لـ”جورنال أنفو”، ” أمر من هنا دائما و أضطر للوقوف تحت الشمس الحارقة لعدة دقائق حتى أتمكن من العبور للضفة الأخرى من الشارع، بصراحة تمنيت لو كانت الأشجار مغروسة بدل النخل لأنها توفر الظل”.

 

ويقول أحمد مواطن في خريف عمره متأسفا على الحالة التي وصل إليها الهواء، قائل” صرت أضع لثاما على أنفي لأنني لم أعد أحتمل تلوث الهواء فأنا أعاني من مرض في الجهاز التنفسي، ورغم ذلك أحاول أن أعبر الشارع الذي يعرف حركية متزايدة و حسب معلوماتي المتواضعة فان الأشجار قادرة على امتصاص ثنائي أوكسيد الكربون و تنقية الهواء لذلك من الأجدر أن يغرسوها بدل النخل الذي لافائدة ترجى منه”.

 

كان رأي كل من السيد أحمد وسلمى صائبا، فالأشجار لها عدة مؤهلات بيئية تؤثر بشكل إيجابي على صحة الإنسان، فضلا على أن مدينة مثل الدارالبيضاء تتميز بمناخ رطب و ليس صحراويا، فالنخيل ليس ملائما لطبيعة المدينة، كما أنها توفر الظل و تخفض من درجات الحرارة.

 

 

 

 

نخيل في مناخ رطب..

 

أكد الخبير في المناخ والتنمية المستدامة ورئيس جمعية “أوكسيجين للبيئة والصحة”، أيوب كرير، أن ظاهرة تنخيل الشوارع منتشرة في معظم شوارع المدن المغربية التي لا تتواجد في مناطق صحراوية، و نحن كناشطين في مجال البيئة ننادي بوقف تنخيل في مثل هذه المدن التي تتميز بمناخ رطب إلى شبه رطب، وليس المناطق الجنوبية التي يعتبر فيها التنخيل أمرا عاديا وملائمة لطبيعتها المناخية”.

 

وأضاف كرير في تصريح لجريدة” جورنال أنفو “، أنه عندما نتحدث عن الجهة الشمالية فالتدبير الطبيعي سيء بها، ويتم تضييع ميزانيات كبيرة فيما يسمى بـ “المشاريع البيئية”، وهي عكس ذلك حيث أنه من المعلوم أن الجماعات الترابية هي المسؤولة عن عملية التشجير في جميع المدن، وهناك مشاريع التي توفر من خلالها الأشجار لتتكلف الشركات بغرسها سواء على جنبات الطرق الرئيسية أو بعض المساحات الخضراء ويتم ذلك بدفع مبالغ مالية مهمة “.

 

وتابع المتحدث، “الملاحظ هو أن أغلب ما يتم زرعه هو النخل المستورد وليس من أصل مغربي، حيث أن النحل المحلي يمتاز بمقاومتهم للظروف المناخية القاسية وملائمته للمنطقة و لا يستنزف الفرشة المائية، ويقاوم التغيرات المناخية خاصة أن تبعات التغيرات المناخية لها تأثيرات سلبية على كل مناحي الحياة خاصة على الغطاء الغابوي”.

 

ولفت كرير، إلى أن الأولى و المنطق والصواب، إقتصاديا و طبيعيا وصحيا يقتضي غرس أشجار محلية التي تلائم طبيعة المنطقة ومناخها، وأيضا المنظر العام للمدن على اعتبار أننا لا نتواجد في منطقة صحراوية حتى يعج النخيل، و يحز في النفس أن نرى مدنا خضراء تملك مؤهلات طبيعية، ويمكن أن نغرس بها أشجار ذات منظر جميل و كثيفة و بكثرة لها تنوع طبيعي في الوقت الذي نرى فيه رتابة في المنظر، وهم يفرضون علينا رؤية أشجار النخيل”.

 

 

 

 

منظر المدينة والمزايا البيئية للأشجار لها اعتبار…

 

وأشار كرير إلى أن “منظر النخيل سيئ كما أن الهدف من زرع الأشجار هو حاجة الإنسان والحيوان للظل، والنخيل لا توفره خصوصا في الأجواء التي تعرف حرارة مفرطة طول السنة إلا في بعض الشهور القليلة، المسألة الثانية هي أن النخل لا يوفر المعايير البيئية التي توفرها الشجرة مثل توفير الاوكسجين، فعوض أن نزرع شجرة للتخفيف من عبئ المناخ المحلي وتوفر الرطوبة لأنها تخفض من درجات الحرارة و تقلص من درجات الثلوث و يقلل من نسبة الغبار التي تستجيب لها الأشجار حيث تمتص 20 كيلوغراما من الغبار، في حين لا يمتص النخيل أي شيئ، كما وبإمكان الشجرة أن تطلق 700 كيلوغرام من الاوكسيجين وامتصاص 20 طنا من ثنائي أوكسيد الكربون”.

 

وسجل المتحدث، أن النخل لا يمكنه تعويض الشجرة لمزاياها البيئية العديدة فضلا على قدرتها على تخفيض درجات الحرارة و لكي اعطي مثالا فإن الحي الذي يتوفر على أشجار و كانت درجة الحرارة العامة هي 30 درجة فإن الحي المذكور ستنقص فيه الحرارة بأربع درجات وستصبح 26 درجة بالإضافة إلى اتخاذ الطيور هذه الأشجار لبناء أعشاشها”.

 

المسألة الثانية، يضيف كرير هي أن “العقار الذي يتواجد بمنطقة تتوفر على أشجار كثيفة وجميلة ترتفع قيمته، في حين أن النخل مشوه شكلا و مضمونا و لا يؤدي وظيفته البيئية والصحية وبالتالي كل المؤشرات سواء كانت اقتصادية أو بيئية أو ثقافية تعطي أفضلية للشجرة على النخلة “.

 

وأوضح الخبير في المناخ “هذه الطريقة اعتمدها المسيرون للشأن المحلي خاصة السياسيين الذين يسيرون مدن بلادنا، وقاموا بإستغلال وجود بعض الميزانيات في سبيل “خدمة البيئة” ومشروع هذه الثقافة، حيث صار المجلس يباشر في غرس النخل كلما وضع مشروعا لغرس الأشجار، فمدينة الدارالبيضاء هي مدينة اسمنتية بإمتياز، ولا تستوفي المعايير البيئية و كل مواطن له الحق في أربعة أمتار من المساحات الخضراء، لكن المدينة لا تستوفي حتى النصف، وهذا حيف وظلم في حق المواطن، وضرب حقوق الإنسان بعرض الحائط و فيما يخص الحصول على بيئة سليمة ومستدامة.

 

وتابع “المغرب يتطلع الى تنمية مستدامة والحفاظ على الثروات الايكولوجية واستغلال الطاقات المتجددة، لكن هذا يقتضي المشي بسرعة واحدة وليس بسرعتين و تدمير ما هو طبيعي ومحلي وتعويضها بأشياء هجينة، و بذلك يتم تصييع كل المجهودات التي تعرفها بلادنا، لأنه للأسف الجماعات الترابية لا تساير باقي المؤسسات في في وقت يتم فيه الحرص على التوجه المستدام”.

 

وختم كرير كلامه قائلا: “مسألة غرس النخيل لها تأثير على المدى البعيد صحيا وبيئيا في ضل التغيرات المناخية التي أثرت بشكل كبير على الإنسان، والأمم المتحدة في تقريرها أكدت على ضرورة الحفاض على الثروة الغابوية وغرس الأشجار، كما وتحريك كل ما يضر بالعطاء الغابوي، واليوم صرنا نشهد جرما في حق أشجار معمرة والإتيان بأشجار هجينة من قارات أخرى، لذلك على وزارة الداخلية أن ترسل مذكرة للجماعات الترابية للقطع مع هذا الأسلوب وتكون مراقبة صارمة لصرف الميزانيات فيما هو بيئي”.

 

 

 

 

وفي هذا الصدد، أكد مولاي أحمد أفيلال، نائب عمدة الدارالبيضاء المفوض له قطاع النظافة، في تصريح لأحد المنابر الإعلامية، أن إستعمال النخيل بجانب ممرات الترامواي يأتي اعتبارا لعدم تسببه في أضرار للعربات، مشيرا إلى أن المجلس الجماعي لم يتجاهل مطالب الساكنة لتشجير الشوارع بدل تنخيلها و سيأخذها بمحمل الجد وسيدرجها في برنامج عمله.

 

وقال نائب العمدة، إلى أن الجماعة تشجع مشروع تشجير الشوارع ومختلف فضاءات المدينة، موضحا أن المجلس السابق هو من أطلق مشروع “شجرة لكل عائلة” لكن هذا الورش عرف تعثرا في تنفيذه و المجلس الحالي سيعمل على تنزيله في الواقع.

 

وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الفعاليات التي تنشط في مجال البيئة وجهت عريضة إلى المجلس الجماعي للعاصمة الإقتصادية، داعية إلى ضرورة غرس الأشجار في الشوارع و الأحياء عوض النخيل، غير أن عمدة مدينة الدار البيضاء نبيلة الرميلي لم تتفاعل مع تلك المطالب بشكل إيجابي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.