جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

عبد الرؤوف: اشتغلت محافظا في مقبرة و”كليت لعصا في الكوميسارية”

 

بلعابد بشرى

من منا لا يعرف الفنان الكوميدي عبد الرحيم التونسي المشهور بلقب عبد الرؤوف، والذي أبدع في عدد كبير من المسرحيات الفكاهية خاصة خلال سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، من بينها مسرحية “ضلعة عوجة” و “امتا يجي المدير” و سمسار الحومة” و “مابغياش باك”.. وغيرها من الإنتاجات المسرحية التي استطاع من خلالها أسر قلوب المغاربة بأدواره الفكاهية المثيرة.

لم تكن حياة عبد الرؤوف قبل الشهرة مضحكة كمسرحياته، بقدر ماكانت محزنة على الأرجح. بحكم صغره الذي كرسه في البحث عن العمل ضمانا لقوته اليومي ولأسرته.

ولم يتردد الفنان الكوميدي في الكشف عن أسرار المهن التي اشتغل فيها وهو يتحدث  مع “جورنال أنفو” قائلا : ” أتذكر منذ أن كان عمري 18 سنة، وأنا أبحث عن العمل، فقد كنت نشيطا وفتى ذكيا للغاية، والذي كان يميزني هو إتقاني للغة الفرنسية، بحكم تتلمذي على يد أساتذة أجانب. كانت عائلتي آنذاك تمر بظروف مادية صعبة نوعا ما، لذلك اخترت طريق الكفاح من خلال البحث عن العمل رغم صغر سني”.

غادر عبد الرؤوف المدرسة صغيرا ليلتحق بـ ” الصنعة” لأن المغاربة كانوا يعتقدون آنذاك أن “الصنعة إلى ما غنات ما تعييش”، حيث ذهب عند ميكانيكي وأول ما طلب منه هو أن يكنس المكان،  لكن سرعان ما وجه أمرا صارما له وهدده بالصفع، هنا تحدثت كرامة المغربي الشهم رغم الفقر وقلت ذات اليد ليرد عليه عبد الرؤوف مغادرا المكان “هادي هي لخرة معاك”.

ويضيف الفنان الكوميدي قائلا : ” كنت أعتمد في الغالب على إعلانات الجرائد أثناء رحلة البحث عن الوظيفة، لاشتغل فيما بعد ساعيا للبريد مقابل أجر لا يتعدى 30 درهم في الأسبوع لدى شركة أجنبية. فكنت أمنح لوالدي 150 ريال، وأخي الأكبر 50 ريال لأنه كان عاطلا عن العمل، بينما يتبقى لي 5 دراهم، أشتري بها “كاوكاو والزريعة وأذهب بها إلى السينما “.

يتوقف الفنان لحظة ليتذكر المهنة التي عمر فيها طويلا مقارنة مع المهن الأخرى قائلا: ” اشتغلت فيما بعد محافظا في مقبرة الشهداء بالدار البيضاء لسنوات، حيث كنت أحتفظ بسجلات  أرقام القبور وأحرص على تنظيمها، قبل أن أتنحى عن هذا المنصب لأختار المقاومة  في صفوف الحركة الوطنية  دفاعا عن استقلال الوطن وعودة الملك الراحل محمد الخامس من المنفى”.

خاض عبد الرؤوف إذن درب المقاومة، ليصبح أحد رجالها المناضلين في صفوف الحركة الوطنية، والتي شارك على إثرها في تظاهرة حاشدة بالمغرب للمطالبة بعودة الملك محمد الخامس من المنفى سنة 1954.

يتذكر عبد الرؤوف قائلا: ” كليت الزرواطة في الكوميسارية لمدة شهر من قبل الاحتلال الفرنسي قبل أن يتم إيداعي  السجن لمدة 5 أشهر بدون محاكمة،  وقد عانيت الشيء الكثير،  لكن رغم ذلك تعلمت وأنا داخل السجن فن تقليد شخصيات معروفة في المغرب، كنا مجموعة من المعتقلين نملك مواهب فنية رائعة، وقد تم إطلاق سراحنا جميعا مباشرة بعد عودة الملك من المنفى”.

ويختم الفنان الكوميدي كلامه بالقول: ” بعد خروجي من السجن، اكتشفت ميولاتي الفنية من خلال العروض المسرحية المتواضعة التي كنا ننظمها نحن الشباب في سنوات الستينيات، حينها اكتشفني المرحوم بلقاس، من خلال إحدى تلك العروض وأنا أقلد بوشعيب البيضاوي رحمه الله وطيب لعلج وغيرها من الشخصيات الفنية المعروفة، وهي البوابة الحقيقة لولوجه عالم الفن الكوميدي”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.