سلسلة الحليب، بين تحديات قطاع حيوي وطموحات المهنيين
جورنال أنفو
تعد سلسلة الحليب إحدى الفروع الرئيسية للقطاع الفلاحي بالمغرب، حيث تساهم بشكل كبير في اقتصاد المملكة وفي التشغيل بالمجال القروي.
ويعد إنتاج الحليب ذو أهمية بالغة ليس فقط لتلبية الطلب الداخلي، ولكن أيضا لدعم الآلاف من صغار المنتجين والمربين والتعاونيات.
في المقابل، يواجه هذا القطاع تحديات متزايدة، حيث يزيد الجفاف لعدة سنوات متتالية والأزمات العالمية وتقلب أسعار السلع الأساسية، من تعقيد الوضع، مما يشكل تحديا كبيرا أمام قدرة القطاع على الصمود.
وفي هذا السياق، أوضح محمد رايتا، المدير العام للفدرالية البيمهنية لسلسة الحليب “مغرب حليب”، أنه منذ سنة 2020، انخفض الإنتاج الوطني من الحليب بنسبة 25 في المائة، أي من 2,55 مليار لتر إلى أقل من 2 مليار لتر، مشيرا إلى أن هذا التراجع يلاحظ بشكل أكبر في بعض الجهات، مثل جهة الدار البيضاء-سطات.
وأضاف رايتا ،في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه من التحديات الأخرى التي تواجه القطاع أيضا، انخفاض استهلاك المنتجات الحليبية، خلال السنة الجارية.
وأكد أنه على الرغم من هذا الانخفاض في الاستهلاك، فإن مصانع “مغرب حليب”، التي تمثل 86 في المائة من الإنتاج الوطني، تواصل جمع كل الحليب من مورديها وتحويله إلى مسحوق لاستباق الطلب المستقبلي.
وأبرز أنه من أجل احتواء هذا الوضع، قامت الحكومة بتقديم إعانات للمهنيين بالإضافة إلى زيادة أسعار الحليب المدفوعة للمربيين بنسبة 30 في المائة، واستيراد الأبقار وهو ما شكل دعما مهما للقطاع، مشيرا في المقابل إلى أنه ما تزال هناك تحديات تهم إعادة تكوين رأسمال الماشية.
وأشار إلى أنه “يوجد حاليا في طور الإنجاز إصلاح تشريعي للقانون حول تربية الماشية لتحسين تدبير هذا القطاع، يشمل صحة الماشية وإمكانية تتبعها”.
ولضمان استدامة القطاع، يؤكد محمد رايتا على أهمية إجراء إصلاحات عاجلة، منها الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة على استيراد الأعلاف والأغذية البسيطة في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2025، فضلا عن دعم العجول المستوردة والمنتجة محليا.
كما أكد رايتا أن “مغرب حليب” تلتزم بضمان توفير الحليب وإحداث وحدات جهوية لتأطير مربي الأبقار ومنتجي الحليب من أجل تحسين الإنتاج، مع التركيز على التلقيح الاصطناعي ومراقبة الحليب، مضيفا أن الفدرالية تعتزم رقمنة القطاع وإعداد دراسات حول تكاليف الإنتاج والأعلاف المائية، بشراكة مع فاعلين وطنيين ودوليين.
من جانبه، أبرز احساين الرحاوي، المدير الجهوي للفلاحة لجهة الدار البيضاء-سطات، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه على الرغم من التحديات الحالية، فإن المبادرات الجارية تفتح الباب أمام آفاق انتعاش تدريجي لهذا القطاع الحيوي بالنسبة للاقتصاد الوطني.
ولدعم هذا القطاع، ذكر السيد الرحاوي بأن “الدولة اتخذت عدة تدابير، لا سيما في ما يخص رفع أسعار بيع الحليب لتعويض تكاليف الإنتاج، فضلا عن دعم استيراد وإنتاج محليا الأبقار المحسنة، مع منح تصل إلى 4000 درهم للعجول المحلية و6000 درهم للعجول المستوردة”.
وفي السياق ذاته، أبرز الرحاوي أن “تشديد الرقابة يهدف إلى الحد من ذبح العجول”، مضيفا أن “الدولة تشجع أيضا على إنشاء وحدات صغيرة لمنتجات الحليب لتمكين المربين من تنويع مصادر دخلهم”.
من جهة أخرى، أكد المدير الجهوي للفلاحة أنه تم توزيع أزيد من مليون قنطار من الأعلاف المركبة المدعمة على المربين لتحقيق الاستقرار على مستوى أعلاف الماشية.
وفي معرض تطرقه لتراجع إنتاج الحليب على مستوى جهة الدار البيضاء-سطات، أوضح أن هذا القطاع يعاني من عدة تحديات بسبب توالي سنوات الجفاف ، وتداعيات جائحة كوفيد-19، وارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية كالأسمدة والوقود، مما أدى إلى انخفاض العائدات.
وقال إن قطاع الحليب بالجهة يضم حوالي 46 ألف مربي تدعمهم 716 تعاونية و830 مركز تجميع.
هكذا، وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها سلسلة الحليب، فإن الجهود المشتركة لجميع الجهات الفاعلة توفر آفاقا واعدة للتعافي والنهوض بالقطاع. وبفضل الدعم والمبادرات الرامية إلى تحديث القطاع والالتزام المتواصل تجاه المربين والتعاونيات، يتم وضع أسس متينة لضمان استدامة هذا القطاع، الذي يعد ضروريا للاقتصاد الوطني.