النقيب الطيار علي نجاب صاحب “25 عامًا في زنازن تندوف” في ذمة الله
جورنال أنفو
توفي مساء الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 النقيب الطيار العسكري السابق علي نجاب، عن عمر يناهز 81 عامًا، وذلك في مسكنه بمدينة الرباط. ويعد الفقيد من أبرز الأسماء التي ارتبطت بتاريخ المقاومة والصمود، حيث كان له دور كبير في تسليط الضوء على معاناة الأسرى المغاربة في سجون البوليساريو، من خلال كتابه الشهير “25 عامًا في زنازن تندوف”.
ولد علي نجاب في فترة ما قبل الاستقلال، وانضم إلى القوات الجوية الملكية المغربية، حيث تخصص في مجال الطيران العسكري بعد أن قضى ثلاث سنوات في التدريب في الولايات المتحدة الأمريكية. لكن مسيرته المهنية تعرضت لتحول مأساوي يوم 10 سبتمبر 1978، حين أسقطت طائرته من طراز “ميراج إف 5” بصاروخ أرض-جو، ما أدى إلى أسره من قبل جبهة البوليساريو، ليقضي بعدها 25 عامًا في سجون تندوف.
من داخل زنزانات تندوف، ووسط الظروف القاسية التي عايشها في الأسر، أرخى علي نجاب ذكرياته في كتابه الذي يحمل عنوان “25 عامًا في زنازن تندوف”. وصف في الكتاب تفاصيل مريرة عن أسرى الحرب، مشيرًا إلى الأيام الأولى التي أمضاها في السجون تحت القبضة الجزائرية، حيث نقل إلى مكتب محمد عبد العزيز، قائد جبهة البوليساريو، ليتم بعد ذلك نقله إلى تندوف، حيث وُضع في زنزانة ضيقة في الطابق الأرضي.
في مذكراته، يروي نجاب عن طريقة تعامل الجزائر مع الأسرى المغاربة في السجون، قائلاً: “منذ عام 1976، بدأ الجزائريون بنقل الأسرى المغاربة إلى شمال الجزائر، حيث تم احتجاز 476 أسيرًا مغربيًا في مراكز مختلفة. وفي عام 1979، تم نقل مجموعة من الطيارين المغاربة إلى تندوف حيث سلّمهم الجزائريون إلى البوليساريو.”
وأشار نجاب إلى الدور الكبير الذي لعبه الجيش الجزائري في الإشراف على السجون، حيث كان دائمًا ما يتواجد في مواقع الاحتجاز، ويشرف على الاستنطاقات، كما كان له تأثير واضح على قيادة البوليساريو، بما في ذلك ما ذكره عن رئيس وزراء البوليساريو السابق محمد لامين أحمد.
كشف علي نجاب في كتابه عن العلاقة الوثيقة بين المسؤولين الجزائريين وجبهة البوليساريو، قائلًا: “كان الجزائريون حاضرين دائمًا في مواقع الأسر، وخاصة في الرابوني، حيث كانوا يتدخلون في كل التفاصيل، من الاستنطاقات إلى إصدار الأوامر.” ووصف المواقف التي كانت توضح إلى أي حد كان الجزائريون يتحكمون في قرارات جبهة البوليساريو، مشيرًا إلى حادثة طريفة تظهر هذه الهيمنة عندما أمر أحد الضباط الجزائريين أحد المسؤولين في البوليساريو بإغلاق نافذة في مشهد رمزي يعكس تبعية الأخير للقرار الجزائري.
يعتبر علي نجاب رمزًا من رموز الصمود والتحدي، وقد ترك كتابه شهادة حية على سنوات من المعاناة والتضحيات. في هذه المناسبة الحزينة، نتقدم بأحر التعازي وأصدق المواساة إلى عائلة الفقيد، وجميع أصدقائه وزملائه، سائلين الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أسرته الكريمة الصبر والسلوان.
لقد فقدت البلاد أحد أبطالها الذين شهدوا على جزء من تاريخنا العسكري والسياسي، ونسأل الله أن يسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين. إنا لله وإنا إليه راجعون.