رمضان في الدار البيضاء.. تجارة القرب على إيقاع دينامية متجددة
جورنال أنفو - و.م.ع
يتميز شهر رمضان المبارك في مدينة الدار البيضاء بكونه أكثر من مجرد فترة للارتقاء الروحي، إذ يمثل كذلك لحظة أساسية بالنسبة للاقتصاد المحلي من خلال دينامية الأنشطة التجارية بالأسواق ومتاجر القرب ، مما يساهم في ازدهار الاستهلاك على نحو متزايد.
وتبرز هذه الفورة بشكل واضح في “درب السلطان”، أحد الأحياء التاريخية بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، حيث يتعبأ التجار المحليون سنويا خلال هذا الشهر الفضيل، بهدف الاستجابة للطلب المتزايد، لاسيما على المنتوجات الغذائية التقليدية. لكن وراء هذا الاستهلاك المفرط تكمن حقيقة أكثر تعقيدا، وهي التكيف المستمر مع احتياجات الزبناء، والبحث عن الجودة، وعلى الخصوص، الرغبة في جعل هذه الوفرة في متناول الجميع.
ومنذ ذلك الحين، تحول هذا الحي التاريخي إلى مكان لفورة اقتناء المواد الغذائية: الأسواق المزدحمة ومحلات البقالة والجزارة التي تغص بالزبناء. وتتبوأ المنتوجات الأساسية لهذه الفترة، كالتمور و”الشباكية” و”البريوات” و”سلو”، مكانة بارزة. ويتم تقديم هذه الأصناف الشهية، وهي رموز الوجبات الاحتفالية، بكميات وافرة، مع إيلاء اهتمام خاص لجودتها، لأنه خلال هذه الفترة أيضا ت كتسب سمعة التجار.
وبدورها، تشهد المخبزات ومحلات الحلويات تدفقا مستمرا للزبناء، خاصة في فترة ما بعد الزوال، مع طوابير لا نهاية لها من الزبناء، وقد نفد صبرهم للمغادرة متأبطين هذه الحلويات التي طال انتظارها.
ما يميز “درب السلطان” أيضا هو الطريقة التي تمكن من خلالها التجار من تنويع عروضهم لإرضاء جميع الأذواق والميزانيات. ففي الوقت الذي تعرض فيه بعض الأسواق الممتازة أسعارا مرتفعة أحيانا، فإن تجار القرب يقدمون منتجات يسهل الوصول إليها، غالبا بكميات صغيرة أو كبيرة، مما يمكن الأسر من الاستهلاك بشكل اقتصادي أكثر. وتبدو هذه المقاربة الشاملة واضحة بشكل خاص خلال شهر رمضان المبارك، وهي الفترة التي تشهد حضورا قويا لمظاهر التضامن والتعاون والتكافل.
وفي منطقة “درب عمر”، التي تبعد قليلا عن “درب السلطان”، يوضح الكاتب العام لجمعية اتحاد تجار ومهنيي المنطقة، سعيد فرح، أن الفرق بين ساعات العمل ي مك ن التجار من تعديل توقيت عملهم بهدف الاستجابة لانتظارات المستهلكين على نحو أفضل. وأوضح أن العديد من المحلات التجارية تعمل على تنويع عروضها، من خلال تقديم منتوجات موسمية وتقليدية أو حلويات محددة أو حتى منتوجات لوجبة الإفطار وسلع أخرى يتزايد الطلب عليها خلال هذه الفترة.
وأشار إلى أن المنتوجات الأكثر طلبا خلال الشهر الفضيل هي التمور، ومختلف مكونات تحضير “الحريرة”، بالإضافة إلى الحلويات المعدة باللوز، مؤكدا أن المستهلكين يفضلون المنتوجات المحلية عالية الجودة، وغالبا بأسعار معقولة.
وبخصوص الأسعار، قال فرح إنها لا تزال مستقرة خلال شهر رمضان، مضيفا أن “هذا الاستقرار في الأسعار له تأثير كبير على العلاقات بين التجار والمستهلكين، مما يعزز مناخا من الثقة المتبادلة”.
ومع جائحة “كوفيد-19″، عمل بعض التجار على إطلاق خدمات التوصيل إلى المنازل، وهو خيار يحظى بقبول واسع لدى الأسر التي تفضل التوصل بالمواد الاستهلاكية الخاصة بها. ويحظى هذا الحل العملي بأهمية متزايدة خلال الشهر المبارك.
عموما، تمكن تجار الدار البيضاء من تكييف عروضهم لتلبية الطلب مع ضمان إمكانية الوصول إلى المنتوجات. فهذه الحلويات والمكونات الصغيرة ليست مجرد وجبات خفيفة، ولكنها رابط حقيقي بين التقاليد والاستهلاك.