الأستاذ نور الدين الرياحي.. القاضي الذي أفنى زهرة شبابه في خدمة العدالة
جورنال أنفو
اسم نور الدين الرياحي طبع الحياة القضائية و الحقوقية منذ مغادرته لجامعة ستراسبورغ سنة 1979 حيث كان أول طالب مغربي مسجل في صف الدكتورة بإجماع لجنة مكونة آنذاك من مجموعة من جهابذة الفقه و القانون الفرنسيين و يلتحق بسلك القضاء المغربي بعد ذلك و يعين بالنيابة العامة بالدار البيضاء و يقضي فيها زهاء أربعين سنة متسلقا جميع سلالم مسؤوليتها من نائب وكيل الملك الى وكيل عام للملك في أكبر مدينة و سنه القضائي لا يتجاوز 12 سنة بأمر من المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني الذي أعجب بمرافعاته و كان أول قاض للنيابة العامة الذي كانت له جرأة افتتاح مرافعاتها بإسم جلالة الملك المقصور فقط على الأحكام و لم تتمكن وسائل النقض التي تقدم بها كبار المحامين آنذاك من الصمود أمام حيثياث مرافعته الشهيرة في تبرير السند القانوني و التاريخي بأحقية النيابة العامة في تمثيل المؤسسة الملكية ، و رفضت محكمة النقض طلبات الطعن و نفذ آخر حكم بالإعدام في المملكة سنة 1993 في قضية شهيرة .
و تمكن بواسطة مؤلفه الوسيط في النيابة العامة أن يبرر الاصل التاريخي لهذا القضاء في التشريعات المعاصرة .
و توالت المنابر الصحفية منذ سنة 1980 من تتبع جميع قضايا مرافعاته لارتباط اسمه بجميع القرارات القضائية الكبرى و تناولت الصحف الوطنية و العالمية مساره المهني و مساهماته في الأدب و الفلسفة و الشعر و التعليق على القرارات بأسلوب خاص سحر عمداء الأدب العربي في أول مجلة مصرية الهلال التي فاز بها و هو طالب بثاني جائزة عالمية في مسابقة أدبية حيث سموه في مصر بالاديب المغربي الشاب .
و لا زالت كتاباته في القانون و مختلف الثقافات
و اعترفت له جميع هيئات المحاكم العليا بعلو كعبه في التحليل القانوني و فصاحة اللسان و سحر البيان و لا أدل من ذلك الشهادات المعترف بها سواء من مجلس الدولة الفرنسي حيث كان ضمن أول بعثة لقضاة مغاربة أرسلت بأمر من جلالة الملك لتهييئ لانشاء المحاكم الإدارية و محكمة النقض الفرنسية و المحكمة العليا الإسبانية التي ظل سنوات متعددة عضوا نشيطا و مساهما فيها في إطار اللجنة الثنائية المغربية الإسبانية و التي تدرب فيها و تمكن من المساهمة في ترجمة القرارات القضائية الكبرى من اللغة العربية إلى الفرنسية تعدت مائتي قرار منشورة في إصدارات المجلس الأعلى و المنظمة الفرنكفونية لرؤساء محاكم النقض الناطقة بالفرنسية في القارات الخمس و التي شارك فيها كما شارك في مؤتمر رؤساء النيابات العامة العربية و في مؤتمرات متعددة و لجان ثنائية دولية .
و عين من طرف جلالة الملك الحسن الثاني كرئيس للجنة إقليمية لمراقبة الانتخابية سنة 1992و كان أصغر قاضي ضمن رؤسائها لا يتجاوز سنه 34 سنة .
واعترف له من طرف جميع ممثلي الاحزاب السياسية و السلطات بالكفاءة في إدارة التواقق بين أعضائها و نشرت المحاضر المحررة من طرفه في منشورات اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات .
و كان أول قاضي تناول سيرة كبار قضاة المملكة بعدة مؤلفات منها سيرة المرحوم المكي نوشريف و القاضي ادريس الضحاك و غيرهم .
و بدافع من القضاة و القاضيات الذين احبوه و سموه عميدهم رشح من طرفهم لعدة مناصب قيادية في مختلف الجمعيات المهنية القضائية و كان الناطق الرسمي بإسم القضاة و عميدهم.
و ساهم بكتاباته و قلمه في الدفاع عن استقلال المؤسسة القضائية و استقلال النيابة العامة كما تشهد بذلك مختلف المراحل التاريخية التي شهدها المغرب الحديث و في مختلف المحطات التي شهدت ميلاد دستور 2011 و كذا الدفاع عن حق القضاة في التعبير و انشاء جمعيات مستقلة لهم و لا أدل على ذلك كتاباته و منشوراته في الصفحات التي انشأها في عديد من منصات التواصل الاجتماعي .
كما ترأس جمعية التكافل الاجتماعي لقضاة المجلس الأعلى و موظفيها التي يفوق عددها أكثر من 500 قاضي و موظف و التي شهدت في ولايته مساهمتها الفعالة في تنظيم الذكرى الخمسينية للمجلس الأعلى سنة 2007 و التي لعب دورا أساسيا طوال سنة في جميع ربوع المملكة و ساهم في إنشاء المؤلف المتضمن للفنون المعمارية لمحاكم المملكة و الحفاظ على ثراث هيبتها و استقلالها و لا زال هذا المؤلف تزخر به خزانة محكمة النقض إلى جانب مداخلاته في اكاديمية المملكة في هذه الذكرى و التي كانت تشد اهتمام جميع الحاضرين و المساهمة على هامش الذكرى في معرض الوثائق القضائية بمعية أستاذه ادريس الضحاك و كافة وزراء العدل الذين تعاقبوا على الوزارة و الذين كانوا و ما زالوا يكنون له كل تقدير و احترام بسبب الخدمات الجليلة التي قدمها للقضاء المغربي ، و لا ادل على ذلك من تبني اكبر وزير للعدل المرحوم مولاي مصطفى بلعربي العلوي لشخصه و هي البنوة التي يعتز بها من ابن شيخ الاسلام العلامة الفقيه بلعربي العلوي .
و قد تمكن الاستاذ نور الدين الرياحي الذي أفنى زهرة عمره في مسار ناجح من أجل خدمة مهنته و عبرها خدمة المواطنين و ساهم بأعماله الفكرية و القانونية في ابراز دور القضاء و الدفاع في المساهمة في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية عبر أربعة عقود من الزمان .
و كان أول قاض عقد ندوات صحفية لابلاغ الرأي العام الوطني منذ تسعينات القرن الماضي و شارك في ندوات تلفزية و إعلامية مما ربط له مع الصحافة الوطنية و الدولية علاقات اتسمت بالانفتاح على المجتمع المدني الذي كان طابوها عسير الكسر قبل دستور 2011.
درجة نظم اشعار في شخصيته التي احتفي بها في أكثر من مناسبة .
و تم توسيمه من طرف جلالة الملك و تكليفه بمهمات رسمية مثل فيها القضاء المغربي داخل الوطن و خارجه.
كما تم تكريمه من طرف الجامعة العربية بإجماع 44 دولة في عمان سنة 2016 .
و عمل أستاذا بالمعهد القضائي من سنة 1993 إلى 1998.
و أستاذا للماستر في المعهد العالي للتجارة والمقاولات و أستاذا بالمعهد الملكي للشرطة و معهد التكوين التا بع للدرك الملكي و نشط ندوات التمرين في عدة نقابات للمحامين و عقد شراكات مع عدة جمعيات مهنية و مختلف فعاليات المجتمع المدني و نشط عدة لقاءات حول قوانين الرياضة و الجمعيات الثقافية و الفنية التي يعتبر رئيسا شرفيا لها و فاعلا ديناميكيا في انشطتها .
و ترأس أول ندوة مؤسسة للمحاكم التجارية سنة 1996و ساهم في عدة لجان لمشاريع للقوانين و شارك و علق على العديد من قرارات المجلس الأعلى و المجلات القانونية في عدة مواضيع قانونية دقيقة شدت اهتمام الحقوقيين و نشرت في مختلف مجلات وزارة العدل و المحاكم .
و في سنة 2014 تمكن من حصد 80 في المائة من أصوات زملائه بالمجلس الأعلى في انتخابات الجمعية التي كان ينتمي إليها و فاز برئاسة مكتبها .
قبل أن يؤسس رابطة قضاة المغرب التي شهدت في عهده انخراط أكثر من 800 مائة قاض و قاضية و تمكنت من تأسيس 12 مكتب جهوي عبر ربوع المملكة و الحصول على مقر رسمي لها في فضاء المعهد العالي للقضاء و اتسمت بدمقرطة اجهزتها و سن قانون أساسي يعتمد أن لا تتجاوز ولاية رئيسها مرة واحدة في ثلاث سنوات و ان لا يعاد انتخابه و احتفاظه بالعضوية الشرفية و بواسطة الاقتراع العام المباشر السري و انشاء لجنة حكماء مكونة من قيدومي القضاة و متقاعديه مما اضفى على قوانينها صبغة ديمقراطية تتماشى مع طموحات القضاة الشباب و ربط هذه الطموحات بحكمة شيوخ المهنة و تجربتهم .
حيث لا زال إشعاع هذه الجمعية المهنية يفرض وجوده وطنيا و دوليا .
و تمكنت من عقد أكثر من 32 ندوة وطنية و دولية في عهده في ظرف ثلات سنوات .و تمكنت من عقد شراكات مع مختلف الهيئات الحقوقية .
و التحق بمهنة المحاماة بعدما اختار وضع حد لتمديد تقاعده و التحق بالمهنة التي عشقها بعد النيابة العامة .
و تمكن من إن يبقى حضوره وطنيا و دوليا في جميع المنابر الحقوقية و الثقافية و الصحفية و الفنون و الفكر و الأدب بفضل كتاباته التي تنشر بصفة دورية في مختلف الصحف الوطنية التي لا زالت تتابع انشطته و كتاباته في جميع المجالات الفكر الإنساني.
انه ذلكم القانوني الذي تسبق نباله ظلها كما اختصر وصفه أحد كبار الصحفيين.
و قد التحق بعدما قدم استقالته من القضاء و وضع حد لقرار تمديد تقاعده من أجل ممارسة مهنة عشقها و هو قاضيا و تكون على يد جهابذتها من النقباء أمثال الاستاذ المعطي بوعبيد و عبد الرحمان الخطيب و الاستاذ محمد التبر و ذ خليل مبارك و الاستاذ محمد الشهبي و النقيب الاستاذ حسي الذي حضر في دار المحامي رفقة مجلس الهيئة للاحتفاء بقدومه و تقديمه كمؤطر و استاذ لأكثر من 500 محامي و محامية من ضمنهم بنته ذ فاطمة الزهراء الرياحي زوجة ذ مداح أمين و التي حرص على دراستها و تخرجها و تسجيلها قبله في سلك المحاماة و قد قال النقيب ذ حسي في كلمة مؤثرة:
أن هيئة الدار البيضاء تفتخر بانتساب هرم قضائي إليها و تعتبره قيمة مضافة للمهنة و حث كل المحامين على ضرورة حضور مرافعات عميد القضاة كما كانوا يسمونه زملاءه اسوة بكل المحامين و النقباء الذين كانوا يحرصون على حضور مرافعاته التي كان يتتبعها مباشرة المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني .
و لا زالت عطاءات الاستاذ الرياحي الفكرية و القانونية و الأدبية في أوجها إذ لا تخلو كراسي المحاضرات و المعاهد و الجامعات و الإذاعات و التلفزة و الجرائد و معارض الفنانين و التكريم من حضوره المتواصل في جميع مجالات العلم و المعرفة بتواضع العلماء و اجتهاد الفقهاء .