جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

من مذكرات الأستاذ نور الدين الرياحي : “البرنامج الانتخابي الأول و الأخير لانتخابات الجمعية الوحيدة”

جورنال أنفو

 

وهو أول وآخر برنامج انتخابي يتجرأ فيه قاضي من أجل إزالة الغبا عن مكامن أمراض العدالة و يقترح حلول جذرية فيه.

و بقدر ما لاقى إجماع لدى قضاة محكمة النقض و تم التصويت عليه و ترأس صاحبه لأول مرة ديمقراطيا المؤسسة من الناحية الجمعوية و فرض قانونيا تغيير مكان الاقتراع و طالب بأن تكون المخادع سرية و لجنة الإحصاء في عين المكان و الأوراق مرقمة و حضور الصحافة الوطنية إلخ.. من الإجراءات التي تقزز منها حراس المعبد كما كانو يسمونهم في الحملات الانتخابية.

تمت محاربة باقي الطلبات على الصعيد الجهوي في الدور الثاني حيث وقعت تدخلات ……. سرعان ما فضحتها الصحافة بكل ثقلها كما صرح القضاة بذلك في ندوات 2014 و فرضت نتائج تمخض عنها تغيير المسار الديمقراطي الانتخابي للقضاة آنذاك و الذي كان معروفا بإعطاء القضاة للمرشح ظرفا موقعا على بياض ……
او ما دأبوا بتسميته بالإجماع أو التمثيلية و هي التي حاربها نور الدين الرياحي و من التف حوله و اعتبروها وسائل للقضاء على حرية التعبير و تركيع القضاة و أساس للمس باستقلاليتهم و رافعوا على متن حافلة جابت المملكة من طنجة إلى لعيون لتفسير برنامجهم، و كانت أول مرة في تاريخ القضاء المغربي ترافق الصحافة الوطنية برنامج انتخابي زعزع المسار الديمقراطي القديم الذي كان يتشبت به من طرف المنادين بالإجماع و تخليد الرؤساء في مناصبهم إلى وفاتهم ، لفائدة برامج التغيير و القضاة الشباب الملتفين وراء الرياحي و فعلا تم تغيير المشهد القضائي لأول مرة.

فأسس القضاة الغاضبون بعد ذلك رابطة قضاة المغرب و انضم إليها أزيد من 800 قاضي مما زاد في شكوك النتائج السابقة التي لم تعط الفوز لرئيس الجمعية المزعوم إلا بعدد محدود للأصوات أمام تدفق انخراطات قضاة المملكة على الرابطة من أصغر محكمة إلى محكمة النقض ايمانا منهم شبابا و شيوخا بجسامة الاختيار و صعوبة اللحظة، ونشأت جمعية جديدة التحق بها المئات من القضاة الشباب و الشيوخ و نفذ الرياحي وسائل دمقرطتها و هي الترشح لمرة واحدة مدة ثلاث سنوات للرئيس و عدم إمكانية انتخابه مرة ثانية و تجديد ولايته و طبق ذلك على نفسه رغم تشبت القضاة به ، و إجراء الانتخابات بالاقتراع السري و تأسيس لجنة الحكماء و غيرها من أساليب الدمقرطة التي صعب على الرئيس الذي الذي أتى من بعد و مكتبه المركزي ضمان ربما استمراريتها بعدما قدم الرياحي استقالته مباشرة و مارس مهنة المحاماة سنة 2016 التي كانت تنتظر التحاقه بشغف بالغ نظرا للعلاقات المتينة التي جمعته لمدة أربعين سنة مع أقطابها المعجبين بمرافعاته داخل و خارج المغرب ، محتفظا فقط بالرئاسة الشرفية و لربما أكثر من الرئاسة و هي حب جميع قضاة و قاضيات المملكة و تقديرهم للشخص الذي استطاع أن يرافع لصالح قضاياهم المصيرية في ظروف صعبة متحديا كل الصعوبات المادية و المعنوية ، بعدما كانت تشبه الى حد ما طابوهات كان لزاما من صوت قوي و كاريزما إستثنائية و شجاعة في الرأي لم تجتمع الا فيمن سماه القضاة عميدهم درجة نظم اشعار في شخصه و الاحتفاء به في جميع المحطات التي كانت الندوات العلمية التي سجلتها كافة مدن المغرب للرابطة التي أسسها و دشن ناديها و مقرها و أنشأ مكاتبها الإقليمية في جميع جهات المملكة و أصدر مجلتها و تمكن من توقيع شراكات طبية و إجتماعية و خدماتية لكل قضاة المملكة و ليس فقط قضاة الرابطة كما سبق و أن فعل مع جمعية التكافل لقضاة و موظفي محكمة النقض التي ترأسها و التي لا زال يذكر اصحابها أن هذه الجمعية أصبحت تضاهي في عهده جمعيات كبيرة بسبب الأنشطة الاجتماعية التي اعترف بها الجميع و التي ظهرت قيمتها في الذكرى الخمسينية للمجلس الأعلى سنة 2007 و التي انخرط فيها كل قضاة محكمة النقض و الموظفين و ابلوا البلاء الحسن في جعل هذه الذكرى عنوانها لنصف قرن تطور العدالة و صمودها مع جميع مكوناتها.

و كان لظرف تلك النجاحات التي لا زالت مسجلة في صفحات التواصل الاجتماعي في ظرف ثلاث سنوات أكبر دليل على نفض الغبار على تقاليد قضائية قديمة غير متطورة كان ربما الهدف منها تكميم ارادة القضاة أكبر من المحافظة على واجب التحفظ الذين يدعون في سنة 2014 .

فحتى الذين أريد بهم أن يكونوا خصومه في الانتخابات يحترمون اليوم الرجل في قرارة أنفسهم و شجاعته الفكرية و مبادئه الديمقراطية المتقدمة في لملمة الشأن القضائي آنذاك و جرأته في تسطير برنامج انتخابي و انتقاد المؤسسة و اقتراح حلول دون خوف او تخوف مما فتح الطريق أمام حرية تعبير لم يتوفق فيما بعد قضاة آخرين في معرفة حدود واجب تحفظهم كما كان لا يغيب على عميدهم المتمرس مما أدى إلى معاقبتهم و عزلهم في بعض الأحيان.

وقد كان أحد زملاء الرياحي يعلق على أنه هو القاضي الوحيد الذي في إمكانه أن يعبر أقصى تعبير و ينتقد أكبر انتقاد و يزعزع أكبر المنصات و أن يغلف كل ذلك في احترام واجب التحفظ و هي قدرة ليس في استطاعة الجميع لأنها تتطلب تكوينا قانونيا و أكاديميا و مقدرة علمية في الفصاحة و فن المرافعة و الثقافة العامة و التجربة مع الكبار و ملامسة العمل الصحفي و التدريس القضائي و هي ملكة و كاريزما لا تجتمع الا فيمن قيضه الله لهذه المهام اذ حاول البعض القيام بها لكنه فشل منذ البداية في ذلك .

و احتفظ التاريخ القضائي للرياحي بهذه المواقف التي لم يحتفظ بها لغيره من القضاة في زمن الانترنيت و الفايسبوك و التواصل الاجتماعي التي سجلت و لا زالت مذكراته و التي ينتظرها إلى اليوم أسبوعيا بقلم عميدهم كل قرائه و زملائه و زميلاته من القضاة و القاضيات و المحامين و المحاميات و الحقوقيين على صفحات الجرائد الورقية و الإلكترونية التي تتناقل جميع كتاباته و تعليقاته في حائطه الفايسبوكي الذي يعرف آلاف الزيارات الثقافية يوميا من طرف مرتاديه كما نشرت إدارة الفايسبوك نفسها يوما ما .

كتابات ترجع القضاة و القراء حسب تعليقاتهم إلى الزمن الجميل .

و فعلا كان جميلا و أجمل منه أن يستمر مكتوبا من طرف عميدهم و مؤرخهم و محاميهم حاليا .

منقول عن البرنامج الانتخابي لنور الدين الرياحي سنة 2014 .

 

 *استقبالات ملكية تؤكد العطف المولوي الشريف الذي كان يحظى به الرياحي طوال ممارسته في مهامه و الذي ذكره عميد الصحافة مولاي مصطفى العلوي في كتابه الملك المظلوم و أشار فيه بأن القاضي الرياحي كان من المقربين من الملك و قد متعه بحراسة عسكرية طوال مشواره المهني .

 

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.