جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

النموذج التنموي.. الخيار الأصعب في ظل الأزمة الأشــــد

جورنال أنفو

*عبد الإله طلوع
كل مطلب إلا ويتطلب ضرورة التدخل، والتدخل يتم من خلال رسم فكرة معينة من أجل الاستجابة وتغطية هذا المطلب، وحتى نضمن الإستمرارية والدقة في إنجاح المشروع، الخيار، السياسة أو البديل التنموي يجب أن نضمنه فضاء مفتوحا يتجاوز الدائرة الضيقة المتعلقة بالماضي والظرفية في الحاضر ليعانق التوقعات المستقبلية.
فمصطلح سياسة أو نموذج يتبلور في شكل خيار أو بديل تنموي ونميز فيه بين الاستراتيجي والسياسي وبين التكتيكي والروتيني والتقني الذي هو الخيار أو البديل.
أما البديل فيحل محل سياسة أو خيار كان متبعا في السابق تبين عدم جدواه أو مسايرته للواقع لاحقا، ورسم الفكرة هذا يتضمن خيارات وسياسات أو بدائل، من خلال طرح أسئلة منهجية، سبب اتباع أو انتهاج وتتبع هذا النموذج التنموي او هذا الخيار أو هذه السياسة أو هذا البديل؟ والنتائج المترتبة عنه؟ الآثار التي خلفها أو سيخلفها ؟ فمثلا في بحثنا عن دور السياسة المالية في تعبئة المتاح من الموارد وتحقيق الثروة او قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وتحقيق الرفاه للمغاربة، نقوم بعملية مفاضلة بين عدة سياسات أو خيارات أو بدائل، كأن نلجأ إلى الاقتراض، من المؤسسات المالية والبنكية؟ في الداخل أو في الخارج ؟ التمويل بالعجز؟ السياسة الضريبية؟ اصدار النقود ؟ الإدخار الاجباري؟ أو الإختياري أو بنوعيه؟ أو سياسة الخوصصة؟ بإدماج القطاع الغير مهيكل؟ توزيع عادل للثروة وتحديد آليات إنتاجها؟ كيف يمكن مضاعفة حجم الاقتصاد الوطني؟
في المجال الإجتماعي: هل ننهج خيار المجانية أم نسد التكلفة من خلال الإتاوة الرمزية؟ في الاستجابة لمطلب البطالة، هل من خلال خلق أوراش عمل جديدة، كإعادة توزيع الاستثمارات ووحدات الإنتاج؟ أم من خلال الصفقات العمومية المشروطة بتوزيع ترابي معقلن؟ أو زيادة أعباء على الخزينة كأن نضمن قانون المالية وظائف شغل بالإدارة العمومية وبالتالي التضخم الإداري والمالي؟
بدل شق الطريق السيار أو السكك الحديدية من الميزانية العامة، نلجأ إلى الخواص في إطار الاستغلال المتوسط أو الطويل المدى وبعد ذلك يتم استرجاعها. بدل أن تستأثر السلطات المركزية بسلطة اتخاذ القرار في العديد من الأمور، وما ينتج عن ذلك من طول المسطرة وتعقيد الإجراءات الإدارية، يمكن تفويضها للمصالح الخارجية. بدل وصاية وزارة الداخلية على المجالس الجماعية يمكن تخويل ذلك للمجالس الجهوية.
بدل اللجوء إلى الخبرات الأجنبية في دراسة بعض المشاكل المطروحة، لماذا لا نجند هذه الجحافل من العاطلين والحاصلين على شهادات عليا ونزودهم بالوسائل الضرورية لتوظيف معارفهم وكفاءاتهم التي أصبحت تتقلص يوما بعد يوم نتيجة عنف اليومي؟
فالاستجابة لمتطلبات التنمية ليست بالارتجالية أو إدارة الأزمات، لكنها حلول مدروسة في إطار الاستمرارية وتجاوز التأزم.
فعندما نريد تحقيق أهداف معينة نلجأ إلى سياسات وخيارات وبدائل في إطار استراتيجية أو طريقة عمل والتي تتطلب وسائل مادية وبشرية في إطار برامج محددة سواء على المدى القصير، أو المتوسط أو الطويل أو المستمر، لكن أيضا في إطار الرقابة والتتبع للبحث عن مواطن القوة والخلل و الضعف الذي يمكن أن يكمن إما في عنصر الزمان على مستوى البرامج أو في توظيف الوسائل المادية والبشرية أو طريقة أو استراتيجية التدخل لم يتم اختيارها بدقة أو أن الأهداف حددت خارج إطار المتاح الوطني أو الجماعي أو الجهوي.
فالبرامج يمكن تقسيمها على المدى القصير، وهي فترة تسيير لمدة سنة مالية وهنا يمكن تدارك كل عيب في التسيير والتدبير.
على المدى المتوسط: هذا النوع من البرامج أو التخطيط يتواجد بكثرة في المغرب، حيث العقليات الإدارية لا تكلف نفسها عناء البحث في تحديد الاستراتيجيات المستقبلية أو التوقعية.
على المدى البعيد، حيث سيادة ثقافة القدر واعتباط الطبيعة المرتبط بعنصر طبيعي وهو الأمطار، وهذه المرحلة تسمح باستدراك الأخطاء في التسيير، التي تبقى عنصرا ثانويا، لأنه منطقيا لا يمكن تصور الخطأ في المدى المتوسط.
التخطيط على المدى الطويل: وهذا النوع نجده بالدول الأكثر تقدما، حيث القدرة على الضبط والتحكم في المتغيرات المستقبلية.
نجد العودة إلى التخطيط في المغرب وذلك لظروف أملتها الفوضى في التسيير المالي وغياب التنسيق في السياسة المالية والنقدي.
إذن هناك خلل في هذه السياسة أو الخيار أو البديل، لكن غالبا ما يكون الخلل في التسيير والتدبير عند حدود الوسائل والبرامج والرقابة والتتبع، حيث غياب العقلنة والترشيد.
*طلوع عبدالإله باحث في السنة الثالثة سلك الدكتوراه
جامعة الحسن الأول _ كلية العلوم القانونية والسياسية _ سطات
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.