افتتاح معرض “الشعيبية طلال” بالرباط .. رحلة إلى ينابيع الفن”
افتتح، اليوم الثلاثاء بمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، معرض “الشعيبية طلال، فاطمة حسن الفروج وراضية بنت الحسين .. رحلة إلى ينابيع الفن”، بحضور صاحبة السمو الأميرة للا زينب.
كما حضر افتتاح هذا المعرض، الذي سيتواصل إلى غاية 23 يناير 2019، العديد من الشخصيات تنتمي إلى عوالم الثقافة والفن والسياسة والدبلوماسية.
وأبرز ملف وزع بالمناسبة أن هذا المعرض يهدف إلى “تسليط الضوء على ثلاث فنانات رائدات في الفن العفوي بالمغرب : الشعيبية طلال، فاطمة حسن الفروج وراضية بنت الحسين، اللائي تجمعهن هوية مشتركة، فهن الثلاث يرتبطن ببيئة قروية متشبعة بالتقاليد والمدارك التقليدية المرتبطة بالحرف والفنون الشعبية بما في ذلك الحناء والوشم والنسيج والتطريز”.
وأضاف المصدر ذاته أن “الفنانات الثلاث بذلن شكلا من أشكال النضال من أجل تحرير المرأة من خلال الفن، على الرغم من ملامستهن للون والمادة تمت جراء اتصالهن بفنانين أكاديميين، الابن في حالة كل من الشعيبية طلال وراضية بنت الحسين أو الزوج الفنان بالنسبة لفاطمة حسن الفروج، وهكذا تم وصولهن للتدريب الفني بطريقة متقطعة، حيث استطعن التغلب على العصامية بذكاء ورقة للتعبير عن فن أكاديمي”.
إن هذا المصطلح يميزهن، دون تجميدهن في نهج أو تيار، فهن ببساطة مبدعات حيث تعبرن عن خيالهن، وتجسدن صور تجاربهن، فنهن لا تؤطره الأعراف والأنماط والقواعد والحدود، فمن خلال عفويتهن التي تجذب يمكن إدارك ما هو أبعد من المألوف : فن متحرر من النمط الأكاديمي، حيث للبعد الثنائي الأسبقية على مبادئ المنظور في اللوحة.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، السيد مهدي قطبي، إن هذا المعرض يسلط الضوء على عمل ثلاث شخصيات كبيرة في عالم الفن المغربي المعاصر هن الشعيبية طلال وفاطمة حسن الفروج وراضية بنت الحسين، اللائي لديهن العديد من النقاط المشتركة.
وأضاف السيد قطبي أنه “لفخر أن نبرز فنانين مغاربة كما هو الحال بالنسبة لهؤلاء النساء الثلاث ذوات السير الاستثنائية، وذلك عن طريق تنظيم معارض ومناسبات دولية، وإنها لسعادة كبيرة تغمرنا بتنظيم هذا الحدث الكبير في متحف محمد السادس للفن المعاصر والحديث”، مشيرا إلى أن الإعلان عن هذا المعرض الثلاثي، الذي يكرم المشهد الفني الوطني، أثار أصداء مختلفة في عالم الفن، “فالمتحف أحدث من أجل إثارة نقاشات وإفساح المجال للتواصل”.
من جانبه، أشاد وزير الثقافة والاتصال، السيد محمد الأعرج، بتنظيم هذا المعرض الذي يعكس الإبداع الفني للمرأة المغربية، مضيفا أن هذا المعرض، الذي يجمع بين الحداثة والتقاليد، يكرم ثلاث رسامات وازنات أثرين بأعمالهن الفن التصويري المغربي.
وفي تصريح مماثل، قال مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، السيد عبد العزيز الإدريسي، إن المتحف توخى تسليط الضوء على الفن العفوي للفنانين المغاربة، من خلال تخصيص هذا المعرض لثلاث شخصيات فنية كبيرة بدأت حياتها الفنية في أوائل عقد الستينيات من القرن الماضي.
وتمثل النساء الثلاث اللواتي عرضن أعمالهن على المستويين الوطني والدولي، يقول السيد الإدريسي، تيارا فنيا متميزا كرس حضوره بالمغرب، مبرزا أن الموضوعات التي تلامسها الفنانات الثلاث ترتبط في الغالب بالإبداع العفوي.
من جهته، قال عبد المؤمن الفروج، ابن فاطمة حسن الفروج، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه كان يرتبط بعلاقة عميقة جداً بالفنانات الثلاث “فإذا كانت فاطمة الفروج هي أمي البيولوجية، فإن الشعيبية طلال وراضية بنت الحسين هما أمهاتي الروحيات”.
وأكد أن الفنانات الثلاث يعتبرن رائدات في مجال الفن العفوي، مضيفا أنه وراء نجاح هؤلاء النساء هناك ثلاث رجال كبار هم ميلود لبيض والحسين طلال وحسن الفروج.
متشبعات بالعادات والمناظر والوجوه التي تسكن ذاكرتهن البصرية، حسب الملف، تجسد الفنانات الثلاث مشاهد من الحياة اليومية : الأعياد والطقوس، التي تصور مراسم الزواج أو المناظر الطبيعية القروية مع عرض لهيئات بشرية، حيوانية ونباتية في كثير من الأحيان متداخلة، ملونة ومزخرفة حتى الإشباع.
وتعتبر فئة البورتريه جزءا من الاهتمامات الفنية للفنانات الثلاث اللواتي صورن وجوه الناس الذين يؤثثون فضاءهن اليومي : صور فردية أو جماعية تبرز كيف شاهدت الفنانات الثلاثة الإنسان، حيث تجاوزت الفنانات الثلاث السرد نحو تحويل وتوصيف الواقع، فإذا كان لدى الثلاثة نقاط مشتركة متعددة فإن كل واحدة منهن تجسد حساسية فنية معينة موسومة بتعبير منفرد.
وعلى الرغم من تطرقهن لنفس المواضيع، إلا أن معالجة كل واحدة منهن لهاته التيمات تبقى مختلفة ومنفردة إذ يوضح نهج كل واحدة منهن بساطة الحلول التقنية والصور التي اعتمدتها.
والعوالم التي تجسدها صباغة الفنانات الثلاث تتحدى رموز منظور الصباغة الأكاديمية، وهكذا فإن الفضاء في رسوماتهن كثيف للغاية، على الرغم من شساعة الإطار والمحيط الممثلين، إن المناظر الطبيعية والمشاهد تعطي انطباعا بأن العمل يتجاوز أبعاد اللوحة التي تستمر في التطور خارج الإطار، وهو بذلك يشير إلى ما لانهاية العالم الواقعي. فعدم وجود المنظور لا يمنع من تنظيم جيد للفضاء.
ويظهر تأثير عمودي في عمل راضية بنت الحسين عندما تضع مواضيعها الأمامية في الأعلى وفي مركز تركيباتها التي تتميز في الغالب بزخرفة عمودية، في حين تسلط الشعيبية طلال بدورها الضوء على الشخصيات، وتعالج الفضاء المحيط كعنصر ثانوي حاضر في أعمالها كخلفية مسطحة تعرض المشهد أو الصورة أو المنظر الطبيعي. أما بالنسبة لفاطمة حسن الفروج فإن أعمالها تتميز بتراتبية المشاهد حيث تختلط المواضيع بالفضاء من خلال استعمالها لأسلوب زخرفي وهندسي.
ويعتبر المشهد الاحتفالي موضوعا رمزيا، فانطباع الاترفاع الذي يوفره غياب المنظور يبرز ابتهاجا جماعيا للمواضيع حيث يعطي المشهد تمثلات ثنائية الأبعاد لحركات راقصين وموسيقيين جاعلا من الصورة الثابتة في اللوحة مشهدا حيا مرئيا يكاد يكون مسموعا.
كما حظي موضوع المنظر والنباتات باهتمام الفنانات الثلاث حيث يمكن رؤية الألوان المشرقة للنباتات الكثيفة حيث المواضيع البشرية تختلط بمشاهد حيوانية تتسم بغنى الألوان، حيث تضاهي المشاهد البشرية في ارتفاعها علو الأشجار والنباتات.
وم ع