جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

التحرش في سطور..

يمكن مقاربة التحرش كسلوك اجتماعي أو فعل إنساني حامل لرزنامة من الثمثلات والتركيبات الثقافية التي تم بناءها وترسيخها داخل المجتمع، وبالتالي لا يمكن تحديده إلا ضمن السياقات المساهمة فيه ويمكن إجمالها فيما يلي:
أولا البعد النفسي: إنه محدد ومنبع الميولات العاطفية والوجدانية الطبيعية التي تؤسس لتقارب بين الجنسين المختلفين، وهذا أمر مرتبط بالطبيعة من أجل تيسير الانسجام والتزاوج بهدف الاستمرار الجنس البشري.
ثانيا :البعد الاجتماعي: فهو المنطلق ها هنا بمعنى أن الإنسان كائن اجتماعي يميل للعيش الجماعي بغاية الإحتماء وتحقيق الأمن والاستقرار وضمان الاستمرار ولكن لا يقف الحد هنا، بل يتجاوزه لتحقيق الحاجات والرغبات منها ما له ماهية جنسية.
ثالثا: البعد الثقافي: والذي يعد المعطى الأساس المحدد لأصل الفعل والذي يمنحه المعنى، فهو يتأسس على فكر الذكورة والفحولة والقوة والعطاء وحتى الدين يغذي هاته الدوافع بفهم مغلوط لمفهوم القوامة لأن النسوة ينظر لهن ناقصات عقل ودين وأكثر من ذلك هن وجدوا لخدمة الرغبات الشبقية للرجال، فهذه الصورة الثقافية تبين حقيقة التحرش ثقافيا.
رابعا: الإعلام: خاصة السمعي البصري الذي يشتغل داخل منظومة العولمة، فمثلا داخل المجتمع المغربي نستلب ثقافيا باستهلاكنا لإنتاجات فنية وسينمائية ودرامية مخالفة لأصولنا الثقافية، فتشجع على تبسيط الأمور ودفع القيم إلى الاندحار على سبيل المثال لا الحصر المسلسلات التركية التي تقدم التحرش كفعل يعبر عن الحب والتقدير والحنية مما يجعله أمرا ضروريا وشكل من أشكال الإفصاح عن الذكورة و الشجاعة.كل هذه الأمور إضافة إلى السياق الوطني الحالي الذي يعبر عن أزمات حقيقة خاصة في التعليم والحياة السياسية و القيم والأخلاق.
هذا من جهة ومن جهة أخرى وهي موقف بعض البنات الغير متزوجات من التحرش كاعتباره كشكل من أشكال الاهتمام لجمالهن ومدح لهن فقط هن يرفضن العنف ويطلبن الغزل والكلمات الجميلة وهذا هو أسوأ الأمر يعبر عن جهل عام بأخلاق العلاقات الإنسانية، وأن التحرش عنف لكنه معنوي، وزد على ذلك ينتظرون الزوج المستقبلي الذي يصادف عبر التحرش، هنا المجتمع جرد النسوة من كل الغايات ووضع الزوج كأسمى هدف رغم أنه قد يصادف بمليون طريقة، هذا الوضع المؤزوم تنقلب فيه اللاأخلاق لتصبح هي الأخلاق فيشرعن التحرش بالتعميم لأن واحدة تحبه فكلهن يحبنه لكنهم مساكين ينسون أمهاتهم أنهم أدخلنهن في نفس الخانة، لذا داخل هذا التداخل فالوعي بالشروط المساهمة يبقي التحرش بين الرفض والقبول، رغم أن أغلب المجتمعات المتحضرة تعتبره جرما، إلا المغرب الذي لا زال إستثناءا بغيض.
بقلم : الأستاذ رشيد بونويجم
2 تعليقات
  1. Yassine Litbate يقول

    جميل

  2. رضا يقول

    السلام عليكم .
    صراحة مقال جميل لكونه يضفي ويسلط الضوء على ظاهرة اجتماعية واقعية اصبح لها هي الأخيرة حيز من القول دون اللجوء إلى الفعل والتطبيق من حدها و الغريب في الأمر أن الدول التي لها اديان ومعتقدات محرفة تعتبر التحرش فعل دنيء بحيث يعبر على المستوى الثقافي للفاعل و في المجتمعات التي لها دين يوصي على نهي مثل هذه الأمور و نبذها إلا أنها تعتبر هذا الفعل هو طريقة تعبر عن تحضر الشخص و فكره …. إلخ.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.