جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

الرقية الشرعية الحديثة !

يبدو أوليا الإشارة إلى أن عمليات الرقية الشرعية تقام وتمارس من زمن بعيد في عدة مجالات ومؤسسات تقليدية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الزوايا، الأضرحة، المقابر، المساجد…. لذا فهو ليس مشكلة جديدة بل غارقة في القدم، والأدهى من ذلك أنها كانت تمارس بعدة طرق يختلط فيها الدين بالشعودة فكان الفقيه في المسجد أو الدووايير، إما يستدعى غالبا لوليمة العشاء ويطلب منه ترقية شخص ما فيقرأ عليه ما تيسر من القرآن الكريم وقد يضيف مكتوبا يشترط أن يسكب عليه ماء نقي يصلح للوضوء ويتم التمسح به هكذا تنتهي العملية بنجاح فيسلم للفقيه ما ينعث بالفتوح نقدا أو قمحا أو شيئ يعوضه ، المهم أن لا يخرج فارغ الأيدي هذا الصنف المضيء اما الصنف الثاني هم الفقهاء الذي بدؤا يشترطون شروط الرقية من مال وذبيحة وخلوة مع من تجرى له الرقية في هذه اللحظة بدأ ينبري للوجود مسألة تحويل الرقية لمعطى تجاري مدر للدخل.

الجميل في تاريخنا أن هناك بعض الزوايا كانت تقدم الرقية بالمجان دون مقابل أو تعويض، فكان الأجر لله هاته اللمحة التاريخية تجعل نستنج أن الرقية كانت كدواء أو حماية وتحصين، لكن من الناحية الدينية فهناك صمت شبه مطبق من المسؤولين الدينيين أو المؤسسات الدينية، لأن بحث بسيطا في معنى الرقية وطريقة إجرائها سيقدم لك معلومات بسيطة وفي متناول الجميع وهي أن الرقية الشرعية أمر إعتيادي، يمارسه الرسول بقراءة أية الكرسي عدد ما استطاع، أو قراءة المعودتين، وهذا أمر يسير على أي شخص إنجازه لا يحتاج لأي شخص،أنت ترقي نفسك بنفسك لا ضرورة للوسيط، لكن الجهل وغياب الوعي والفهم المغلوط لأمور الدين البسيطة يجعل العديد من المواطنين المغاربة يلجؤون لهؤلاء الناس، الذين وصفوا أنفسهم بالرقاة فجعلوا هذا الأمر تخصصا ومهنة، وهذا أيضا ليس جديدا ففي نهاية التسعينات انتشرت قضايا سرقة الذهب باسم ترقيته من العين والحسد، ونصب على أشخاص بإسم العكس في الزواج وبعض أخر بالكنز أو بالزيادة في الثروة، لكن كانت وسائل الإعلام أضعف في نقل المعلومة ونشرها.

الآن وسائل التواصل الإجتماعي ومع تطور الإعلام، فضح قضية المتاجرة بالدين و إيهام الأشخاص بإمتلاك الدواء، وهذا يدل عليه إدخال طرق متطورة في الإشهار وبث شهادات عينات من أجل إقناع البسطاء في الفهم والوعي، لذا أضحت مهنة الراقي تدر دخلا مهما وتقام بعدة إشكال متنوعة منها نزع الملابس لضرب الجن ولإرغامه على الخروج، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على فداحة الجهالة وتكاثف المشاكل النفسية والاجتماعية المستعصية، في غياب الجواب أو الحل، أوبالأحرى ضعف المؤسسات الصحية المختصة، هذا المجال الفارغ يصبح مرتعا للإقتيات، بصيغ قد تتسم باستغلال الجنسي أحيانا وأحايين أخرى بالنصب و الخداع والكذب وزرع الأوهام، داخل هذا التيه تسبح العامة وغير العامة وهذا هو الأخطر أن يلجئ المتعلمون والواعون والنخبة إلى هؤلاء الرقاة فيصبحون اجتماعيا نخبة وواقعيا هم أيضا من رعاع الناس. وما الفيديوهات المثناثرة هنا وهناك إلا النزر القليل، فالمشكلة والأزمة أكثر بذلك بكثير.

بقلم الأستاذ : رشيد بونويجم

 

2 تعليقات
  1. سفيان جابري يقول

    يمكن تلخيص الأفكار التي جاءت في المقال على الشكل التالي :
    إعتبار الرقية الشرعية مصدرا للربح و الذخل و إعتناقها على شكل مهنة من لدن الفقهاء و العارفين بالقرآن و السنة لكن مع الأسف يتم تصديق كل التراهات التي تصدر من قبل هذه المجموعة مع إحترام الإسلام و التعاليم الدينية هذا بالأحرى يمكن إسناده إلى الجهل كما قلت و الدراية بما هو إجتماعي و إقتصادي … مع العلم أن الشخص يمكنه رقية نفسه إنطلاقا من قراءة المعوذتين و آية الكرسي و بداية سورة النور و الملك . و السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل الأشخاص الذين يلجأون إلى الفقهاء قصد إزالة العكس و الجن و ما إلى ذلك حسب ما يدعون لهم دراية مسبقة حول ظواهر النصب و الإحتيال اللذان يتعرضان له ؟
    موضوع في المستوي يشرح السيرورة التاريخية لظاهرة الرقية و الرقاة اللتان عرفتا إنتشارا جما خصوصا في مجتمعنا الحالي
    وشكرا أستاذي

  2. Mustapha يقول

    تتراكم المشاكل الإجتماعية على المواطن المغربي، فالمشكل الأساسي هو في الأصل علاقتنا بالإسلام فنحن من تنطبق عليهم آية بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم “قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ ” يعني أن الشخص لا يستطيع أن يغوص في المواضيع الدينية، باعتبارها ركن من أركان الثالوث المحرم ”الدين،السياسة،الجنس” بهذا نجد في مجتمعنا كل من يتكلم بإسم الدين تعطى له مكانة ويقدر، ليس هذا فقط بل يصدقه الناس في كل مايقول ولعل أبرز مثال هو حزب العدالة والتنمية الذي تبنى الدين كشعار لتغيير الوضع الكارثي الذي تعيشه دولة الحق والقانون هاته.
    وعليه أنهي هاته الأسطر المعدودة بقوله تعال: (( إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار )).

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.