جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

لجنة بنموسى تكتب شهادة وفاة ما تبقى من الأحزاب

بقلم الأستاذ : محمد الشمسي

 

طبَّل السياسيون وزمَّروا وهللوا كعادتهم بعد خروج النموذج التنموي إلى النور، وهو النموذج الذي اتخذته الدولة منهاجا تنمويا، بمعنى أن الحكومة المقبلة بأحزابها وتحالفاتها ستكون مهمتها هي تنزيل نموذج لجنة بنموسى، وهذا نَعْي صريح للأحزاب وإعلان موتها، ومن خلفها موت العمل السياسي، فالراسخ في المفاهيم والتعاريف أن الحزب يهدف إلى الوصول إلى السلطة بوسائل مشروعة لأجل تطبيق مشروعه وبرنامجه السياسي، لكن مع نموذج لجنة بنموسى بات للحزب تعريف آخر وهو العمل لتحقيق برنامج لا يعنيه ولم يشارك في وضعه ولا عهد له به، ويصبح الحزب في هذه الحالة مثل الطائر الذي يحضن بيضا غير بيضه ، بل ويصل الأمر الى حد طرح سؤال كبير “ما جدوى هذه الأحزاب أمام إقرار الدولة لتقرير لجنة بنموسى شريعة للنهضة المبحوث عنها؟…

وتبرز هنا نقطتان متوازيتان وذات حمولة خطيرة، أولهما أنه مع تقرير لجنة بنموسى انحصر دور الأحزاب في المشاركة في الانتخابات كل خمس سنوات من باب “الصواب الديمقراطي”، ويصبح تهافتهم في الحملات الانتخابية كطقس من الطقوس لدى الشعوب البدائية يشبه الرقص حول النار، وثانيهما أن تلك الأحزاب وإن قبلت بلعب دور “أومباشي” وهي رتبة عسكرية في الجيش المصري على عهد محمد علي باشا، فعليها تحمُّل تبعات كل إخفاق في التنزيل الجيد لذلك النموذج، و حتما ستتقاذف الأحزاب ولجنة بنموسى كرات اللهب بينهم، فالأحزاب ستُرجع “الديفو” في نموذج لجنة بنموسى الذي لن يبق جذابا وسيما كما تغنى به السياسيون يوم ميلاده، في حين سترد لجنة بنموسى بأن نموذجها الكبير سُلم للصغار فعبثوا به، لكن في نهاية الأمر وحده الشعب من سيحترق بنيران تلك المواجهة…

وقد شدتني خرجة سياسي آخذ على لجنة بنموسى ذكرها العمل السياسي بسوء في صك تقريرها، فأعدتُ قراءة التقرير لعلني أجد لخرجة الرجل علة وسببا، فوجدت أن اللجنة لم تقل في الأحزاب ما يجب عليها قوله فيهم، من أنهم مثل خنافس الروث “يكورون” المال العام و”يكركبونه” صوب حساباتهم البنكية ويُورِّثون المناصب للأبناء والأزواج والأقارب والأصهار، ومن أنهم مثل سوسة الأسنان التي تدخلها بيضاء ناصعة وتجعلها خربة منخورة، ومن أنهم كائنات إذا دخلوا “قرية” أفسدوها…

نختم القول أننا لسنا مبتهجين لموت الأحزاب، بل نطلق زفرة الفرج لموت هذه النسخ البئيسة من الأحزاب التي هي صورة “عديمة الأصل” عن الأحزاب بمعناها الحقيقي والتاريخي والمؤسساتي، ونتألم بخجل كيف لم يذهب الزبد جفاء وكيف لم يظهر اثر لمن ينفع الناس، وحين نطلع على أحوال ما تبقى من أحزابنا نستغرب كيف تريد أن توهمنا أنها قادرة على حمل أثقال الأمة، فنضحك ونضحك حتى نميل …و نعلق بقول بيِّن فصيح… هيهات لم يبق فيك من أحزاب غير الثرثرة و”خروج الريح”…

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.