جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

مبادرة الحكم الذاتي.. المفهوم والسياق المسار والآفاق

 

جورنال أنفو – فؤاد خادم

  • 3/1 تمهيد

 

تعتبر قضية الصحراء المغربية من الخلافات المعمرة وواحدة من أطول النزاعات السياسية التي عرفها التاريخ الحديث.. تاهت فيها المسارات وتشعبت المسالك، بين العوامل التاريخية القانونية، وبين تعدد الأقطاب ووحدة الاستقطابات، تعارضت الخيارات وتباعدت المواقف، وانحرف الخلاف عن بعده الجوهري من خلاف سياسي عابر إلى خلاف تاريخي إقليمي متعدد الأبعاد.

تغيرت ملامح المشهد الدولي وشخوصه المؤثرين والفاعلين، و بقيت الأحداث متشابكة ومتشعبة واستعصت على الحل وأصبح الخلاف حاملا لأخطار لاتعرف مداه ولامنتهاه .

أمام تناقض المصالح المتنافسة والاستراتيجيات المضادة والبديلة للصرف المعرقلة لكل المحاولات الجادة الهادفة لإيجاد حل متوافق عليه لكثرة المناورات المعطلة، التي حالت دون رفع اللبس والغموض عن محاولات التدليس التي يستعملها خصوم الوحدة الوطنية في أكبر عملية تزوير للتاريخ.

أمام كل هذه الهفوات والانزلاقات التاريخية وطوال مراحل الخلاف، تعرض المغرب لكثير من الضغوطات والابتزازات والمساومات استعمل فيها الخصوم الأصليون والمسخرون، كل وسائل الخسة والدناءة في محاولة يائسة لإرباكه وإنهاكه، عبأ المغرب كل قواته المادية، البشرية، السياسية، الأمنية والعسكرية، وظل مؤمنا بعدالة قضيته الأولى، معولا بشكل حصري على ذاته و نفسه، متمسكا بكامل حقوقه المشروعة بكل حيطة وحذر، متجاوزا كل العقد والمؤامرات الظاهر منها و الخفي التي حاولت تليين مواقفه التابثة والنيل من عزيمته، بتوظيفه أقصى مايملكه من مقومات ومؤهلات دفاعا عن حوزة الوطن كل الوطن. وحين اختار التفاوض كسبيل لحل الخلاف، فإن ذلك لم يكن قطعا ولن يكون أبدا على حساب التفريط في وحدته الوطنية وسيادته الترابية الغير قابلة للصرف، فالقضية قضية وجود وليست قضية حدود، فالصحراء جزء أصيل من ترابه وجغرافيته ومجاله .

الجزائر داعمة للانفصال، والماسكة بخيوط المؤامرة، وجدت في قضية الصحراء فرصة من ذهب، لتصريف كل عقدها القديمة والحديثة ،وجدت ضالتها وغايتها للرفع من حجم الإكراهات والضغوطات والمزايدات، في محاولة يائسة لكبث ورهن مستقبل المغرب باستنزافه وإلهائه وتعطيله عن مساره، محركة كل علاقاتها شرقا وغربا، ممولة بسخاء المشروع الانفصالي بكل إمكانتها ومقدراتها في حرب دبلوماسية ظلت تنهل من القاموس الستاليني سجينة وحبيسة لمغالطاتها وأوهامها، صنعت واستثمرت في فئة من أبناء الصحراء المغرر بهم في لحظة حماسة وتهور، احتجزت الصحراويين في حاسي رابوني وفيافي لحمادة تحت أدنى شروط الأمن البشري، في إقامات شبه عسكرية تحت رحمة مليشيات البوليساريو المسلحة ، وحولتهم إلى متسولي مساعدات، بعد أن كانوا أسيادا في وطنهم، رجال علم وتجارة يعيشون بجهدهم بكرامة وعزة نفس.

قادة وزعماء الانفصال ، وفي غفلة من الزمن حولوا القضية إلى أصل تجاري وأصبحوا بقدرة قادر أصحاب حسابات وأرصدة بنكية، غنيمة يقتسمون مغانمها جهارا نهارا وفي جنح الظلام ، يسوقون الأوهام، همهم الوحيد إطالة أمد النزاع خدمة لأجندات لا ناقة لهم فيها ولا جمال ، في أدوار إسنادية و تكميلية في محاولة لإعطاء المشهد طابع الواقعية .

كان لابد من هذه التوطئة لفهم بعض من مسارات ملف الصحراء وتجادباته، غايتنا كانت التمهيد للحديث عن مشرو ع ومبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب في إطار البحث عن مخرج عادل ،شامل ، متكامل ،ومتوازن يغطي جميع الجوانب الحقوقية والاقتصادية والسياسية كجزء من الحل، إذا لم يكن هو الحل عينه في انتصار للعقل والتعقل.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.