جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة

رشيدة داتي في زيارة رسمية هامة إلى الصحراء المغربية

جورنال أنفو

حلّ صباح اليوم الاثنين 17 فبراير 2025، وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي محمد مهدي بنسعيد، ونظيرته الفرنسية رشيدة داتي، مرفوقين بوفد رفيع المستوى، في مدينة العيون، وذلك في إطار زيارة لعدد من الفضاءات الثقافية الهامة بالصحراء المغربية.

 

 

ووصل الوفد على متن طائرة خاصة إلى مطار الحسن الأول بمدينة العيون، حيث كان في استقباله عدد من الشخصيات المحلية والمدنية والعسكرية، في إشارة إلى أهمية هذه الزيارة التي تأتي بعد أشهر قليلة من اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بسيادة المغرب على صحرائه.

 

 

وانطلق الوفد مباشرة من المطار إلى مدينة طرفاية، على بُعد 100 كيلومتر شمال العيون، لبدء جولته بزيارة متحف «أنطوان دو سانت إكزوبيري»، الذي يعرض تاريخ البريد الجوي في المنطقة.

 

 

بعد ذلك، سيقوم الوفد بزيارة معلمة «كاسامار» التاريخية التي تتمتع بقيمة كبيرة، حيث تم تشييدها منذ أكثر من 140 سنة من طرف الرحالة والمهندس الأسكتلندي دونالد ماكينزي، ومرت بتجارب متعددة من المستعمرات الإسبانية قبل أن يحررها السلطان الحسن الأول عام 1885.

 

 

وفي العيون، سيلتقي الوزيران بأعضاء الرابطة الفرنسية التي تم تأسيسها مؤخرًا، للإشراف على المركز الثقافي الفرنسي بالمدينة.

 

 

ومن المنتظر أن يُطلق بنسعيد وداتي رسميًا الرابطة الفرنسية في العيون كأول مشروع ثقافي رسمي بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وذلك ترجمة للاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على صحرائه.

 

 

وفي مساء نفس اليوم، تصل داتي إلى مدينة الداخلة، حيث ستشرف على افتتاح ملحقة المعهد العالي لمهن السينما، وهو مشروع يعكس رؤية المغرب في تحويل الداخلة إلى قطب ثقافي وسينمائي عالمي، وهذا التوجه يأتي ضمن استراتيجية أوسع لترويج الأقاليم الجنوبية كوجهة اقتصادية وسياحية وثقافية، ويعزز أيضًا استقطاب الإنتاجات السينمائية العالمية، ما يمكن أن يكون فرصة لفرنسا لتعزيز التعاون في هذا المجال، خاصة أن المغرب بات يُعتبر منافسًا قوياً في استقطاب الإنتاجات السينمائية الهوليوودية.

 

 

في اليوم الثاني، تنتقل داتي إلى العاصمة الرباط، حيث ستبدأ يومها بزيارة للجامعة الدولية بالرباط، لمناقشة قطاع الألعاب الإلكترونية، واختيار هذا القطاع تحديدًا ليس اعتباطيًا، فهو يعكس تحولًا في الأولويات الثقافية والاقتصادية، حيث تسعى فرنسا إلى استثمار حضورها في المجالات التكنولوجية والإبداعية المتنامية، خاصة أن المغرب بدأ يشهد نهضة رقمية متزايدة.

 

 

كما ستعقد وزيرة الثقافة الفرنسية، اجتماعًا ثنائيًا موسعًا مع نظيرها المغربي محمد المهدي بنسعيد بمقر وزارة الثقافة، لمناقشة سبل تعزيز التعاون الثقافي، وهو الاجتماع الذي يكتسي أهمية خاصة، لأنه يهدف إلى إعادة صياغة أسس التعاون الثقافي بما يتماشى مع الديناميات الجديدة. التي تشهدها العلاقات الثنائية.

 

 

وسيتم توقيع اتفاقيات تعاون ثقافي بين البلدين، تشمل مشاريع مشتركة في مجالات الفنون، السينما، التكوين الثقافي، والصناعات الإبداعية، هذه الاتفاقيات تمثل محاولة لإعادة التوازن للعلاقات الثقافية بين المغرب وفرنسا، في وقت بدأت المملكة تتجه نحو تنويع شراكاتها الثقافية بعيدًا عن الهيمنة التقليدية للثقافة الفرنكوفونية، من خلال تعزيز التعاون مع إسبانيا، الولايات المتحدة، والصين.

 

 

وفي ختام الزيارة، يعقد لقاء صحفي مشترك مع وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، حيث سيتم تقديم تفاصيل الاتفاقيات الموقعة، وتسليط الضوء على تطلعات المرحلة القادمة، ومن المتوقع أن يتطرق هذا اللقاء إلى رؤية فرنسا لدورها الثقافي في المغرب، وموقفها من التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة، سواء في المجال الثقافي أو السياسي.

 

 

وتحمل زيارة رشيدة داتي أبعادًا دبلوماسية عميقة، فهي تأتي في لحظة تشهد فيها العلاقات المغربية الفرنسية محاولات لإعادة البناء بعد سنوات من البرود، وتدل على أن باريس تسعى إلى إعادة ترميم نفوذها الثقافي في المغرب، خصوصًا بعد أن أظهرت الرباط استعدادها لتنويع شراكاتها خارج الفضاء الفرنكوفوني التقليدي، فيما اختيار الأقاليم الجنوبية كمحور أساسي للزيارة يعكس إدراك فرنسا لأهمية هذا الملف في السياسة الخارجية المغربية، ورغبتها في عدم البقاء على هامش التحولات التي يشهدها، خاصة بعد التقارب المغربي الإسباني والأمريكي في هذا السياق.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.