جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

الروائي محمد الشمسي : رواية الضريح تستنجد بالعلم والمعرفة لمواجهة التخلف والتطرف

جورنال أنفو - حكيمة مومني

 

أصدر الروائي والمحامي محمد الشمسي روايته الأولى (طبعة 2020) وبهذه المناسبة يوضح الروائي المذكور بعضا من خفايا وخبايا روايته، على مستوى الرسائل التي يبعثها بواسطتها، كما يتحدث عن علاقة روايته بثورات الربيع العربي، ولا يفوت المتحدث الفرصة لينتقد تلك الثورات التي جردها من اسمها وسماها بمجرد انفعالات أو غضب شعبي بمبررات ضيقة وشخصية.

سؤال: ما هي الرسائل التي تحملها الرواية؟

جواب: الرواية مليئة بالرسائل حد التخمة، فعلى مستوى الأحداث هناك واقع الرواية الذي هو العالم القروي وما يعيشه من تهميش وحرمان، وتطرح الرواية تقصير الدولة في بناء مدرسة للدوار وتكفل أحد المحسنين بذلك، وعن بناء المدرسة خلف الوادي وقرب مقبرة بدون قنطرة أو جسر لتوضح مكانة العلم والمدرسة لدى السكان، وعن استهلاك أهل البادية لوقتهم في التطاحن من أجل أمور تافهة وإهمالهم مناقشة ما يعني حياتهم اليومية ومستقبل أجيالهم، كما تحمل الرواية تجذر الدجل والشعوذة في المجتمع والاستناد على الخديعة للاغتناء…وهناك دلالات أخرى في الرواية مثل حاجتنا ل “الثورة” لتغيير النمط القائم والجائر، وتتطرق للعداء التاريخي بين العرب أهل القضية وبين الصهاينة المغتصبين الذين تقدمهم الرواية بإسم دوار”أولاد الشر”، وتحمل الرواية رسائل أرض”الكدس” التي هي “القدس الشريف” المغتصب، وأرض “الشريفة” التي يمنع القانون بيعها كرمز لعدم قانونية تفويت فلسطين للمحتل ولو في صفقة القرن التي ترعاها القوة الأعظم ، وغيرها من الرسائل التي سيقف عليها القارئ، وعموما فرواية الضريح تستنجد بالعلم والمعرفة لمواجهة التخلف والتطرف…

سؤال: أثرت في روايتك نقدا لمنهج جمع وتصحيح الكتب الصحيحة في مناظرتين جمعتا المعلم رشيد و”الشيخ الحيسن” في جولة أولى، والمعلم رشيد و”العلماء الثلاثة” في جولة ثانية، إلى أي من المتناظرين تنضم وتدعم؟

جواب: المهم في نهاية المطاف هو إلى أي جهة سينضم القارئ، أنا طرحت نقاشا في أحد فصول الرواية ، فالمعلم رشيد بعتاده العلمي وزاده المعرفي يسعى إلى الدعوة إلى إعمال العقل وعدم الانقياد خلف أفكار السلف، وعبادة الله بآرائهم وتوجيهاتهم، ولعل نقد منهج جمع وتصحيح الكتب المسماة الصحيحة ليس وليد اليوم، لكن الرواية تطرحه بشكل موضوعي وعلمي في وعاء أدبي بعيدا عن البحث الأكاديمي، وبعيدا عن القدح أو القذف، وقد كنت موضوعيا في تقوية حجج كل واحد من المتناظرين، فأنا مثلا لم أعمد إلى تقوية رأي المعلم رشيد على حساب الشيخ الحيسن وصحبه، وقد عدت إلى كبريات المؤلفات والكتب سواء تلك التي تضفي على تلك الكتب الصحيحة صفة المطلقة، أو تلك التي تنتقد منهجا وتجعله منهجا غير علمي ويقوم على شهادة قوم في قوم استنادا الى العشيرة والطائفة ورفع روايات أناس وهم الرواة إلى مصاف كلام الله تعالى، وبالتالي لا تعدو تلك الكتب أن تكون عملا بشريا خالصا يشوبه ما يشوب العمل البشري من نقصان وقصور ونسيان …

سوال: تشد القارئ في روايتك قضيتان وهما، مكانة المرأة ومكانة البيئة في العالم القروي، كيف قدمتهما؟

جواب: تقدم الرواية المرأة في العالم القروي من خلال شخصيتي هنية وزهرة، وهنية هي أرملة تربي أيتاما، وأعضاء “الجْماعة” بما فيهم شيخها يرفضون عضوية هنية في “الجْماعة” وهم يسخرون من كل “جْماعة” تضم الى أعضائها امرأة، وفي نفس الوقت يصبو شيخ تلك “الجْماعة” الى هنية ويطلبها الى فراشه في الحرام، وقد احتال عليها واستغل ماله وجاهه وأوهمها أن زوجها قيد حياته كان قد باعه كل الأرض التي تقيم عليها بيتها هي وأبناؤها ، فابتزها ظلما وخيرها ما بين الإيواء إلى فراشه أو رفع دعوى ضدها لطردها من الأرض، وكذلك يفعل “مقدم الدوار” الذي يخير هنية بين تلبية نزوته أو منعها من بناء مسكن لها ولأبنائها تحت ذريعة عدم حصولها على ترخيص مسبق ، ثم شخصية زهرة السيدة العصامية التي تعيل أسرة تتكون من زوج يلازم فراش المرض، وشاب يافع اسمه رضوان جره خطاب الغلو،وهي التي تثور في وجه المتطرفين وتكشف حقيقتهم أمام الملأ في الوقت الذي يجبن فيه الرجال في فعل ذلك…
كما تطرح الرواية قضية البيئة في الوسط القروي ، حيث يعد المعلم رشيد مسرحية يجسدها الصغار يتقمصون من خلالها أدوار مكونات المحيط البيئي في العالم القروي مثل الغابة والواد والبئر والوحيش وغيرها من أشكال الفضاء البيئي، وهي مكونات تشكو معاناتها مع بني البشر وتدعوهم إلى مراجعة سلوكهم في احتكاكهم معها.

سؤال: يظهر تأثرك البالغ بثورات الربيع العربي من خلال روايتك وتوظيفك لمصطلحات من صميم تلك الثورات مثل “ميدان التحرير” و”جمعة الحسم”، هل يمكن اعتبار الرواية توجيها أم نقدا لتلك الثورات؟

جواب: لا زلت أومن بأن الثورات التي لا تستند إلى أهل العلم والمعرفة ، والثورات غير المسنودة بالمعرفة وبالحكمة والبرامج والبدائل التي يمكنها ملء كل فراغ لا تستحق اسم ثورة، بقدرما هي حالة انفعال شعبية عابرة، أو حالة غضب من أجل مصالح وأهداف ضيقة، الثورات التي لا يتزعمها المثقفون والطبقة الوسطى في المجتمع لا تعتبر سوى مسيرات احتجاجية قد تقلم أظافر الظلم لكنها لا تزيحه، وتدخل مع النظام في مساومة تقوم على ” الاستجابة الجزئية للمطالب مقابل العودة للديار والصمت”، صحيح أني كمتتبع راهنت على ثورات الربيع العربي لحلحلة الوضع العربي من ركوده، لكني كنت أعلم مسبقا بفشل تلك الثورات بالصيغة والتي قدمت بها نفسها للعالم، لكن في نفس الوقت يكفي تلك الثورات ـ إن صح الوصف ـ أنها رمت بحجر ثقيل في ضايات الأنظمة العربية التي عليها أن تطور نفسها ومناهجها، وإلا وقع خلعها تباعا، كما جددت روح الآمال لدى الشعوب بالأمل في الإصلاح ، ولم يبق غير تحمل المثقفين لمسؤولياتهم أمام التاريخ.
فعلا في الرواية هناك “ميدان التحرير” و”جمعة الحسم” وهناك مواقع التواصل الاجتماعي وهناك ثورة وخلع حاكم واستنجاد الحاكم الظالم بأعداء الأمة للإبقاء عليه حاكما ولو بالقوة، وهناك قوة اقتصادية وعسكرية ذات نفوذ تتجلى في القايد، وهناك مجلس الرمى بسلطاته الخادعة كجهاز منخور يسيطر عليه أولاد الشر و القايد وهو يمثل منظمة الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية…لكن هناك جمعية النور لتنمية البادية وحماية البيئة التي أنشأها الثوار كبديل لنظام الجماعة البالي والبائد والمتحجر، وهناك قانونها الأساسي وهياكلها التنظيمية التي تمثل الدستور الجديد الذي يحل محل أعراف قاشية ووحشية ظالمة لنظام الجماعة، كل ذلك يبقى للقارئ الحق في محاكمته .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.