إنجيل أمزازي” : “تعميد التلاميذ” وتحويل المعلم إلى معقم
بقلم الأستاذ : محمد الشمسي
ما أشبه مذكرة أمزازي لتنظيم دخوله المدرسي بإنجيل “مرقس”، فكما يتميز هذا الإنجيل عن نظرائه من الأناجيل الثلاثة الأخرى من حيث حديثه عن “طرد الأرواح الشريرة وعن البطولات والأمجاد” التي تدخل كلها في زمرة الخرافة، فإن “مذكرة أمزازي” بدورها جاءت لتوهمنا أن صفحاتها الستين تصلح لتكون تعاويذ يمكن بها اتقاء شرور كورونا، وقد ترقى بأمزازي من مجرد وزير إلى درجة “مُخَلّص”، ومثلما أن لغة “إنجيل مرقس”استعصت على فهم كبار القساوسة فكذلك شأن “مذكرة أمزازي” “فو الله واحد لا فهم فيها شي زفتة”، فهي قريبة من بلاغ نقابة مغمورة، أو من برنامج حزب لم يظهر إلا قبيل الانتخابات بأسبوعين…
شددت “إصحاحات إنجيل أمزازي” و( الإصحاح للإشارة في الإنجيل يقوم مقام الآية الكريمة في القرآن الكريم)، على وجوب “تعميد التلاميذ” بشكل يومي، وقد نص “إنجيل أمزازي عفوا مذكرته”، على وجوب “تبليل اليدين” ( نعم هكذا ورد في المذكرة)، وكأن هناك غسل لليدين بدون تبليل بالماء،( وهنا تلتقي مذكرة أمزازي مع واحدة من خرافات إنجيل مرقس)، وبعد التبليل يضيف أمزازي وجب”دعك باطن اليد بباطن اليد الأخرى”، وكأننا سندعك باطن اليد بباطن الرِّجل، ثم هناك “فرك راحة اليدين مع تشبيك الأصابع ثم ضم أصابع اليد اليمنى مع راحة اليد اليسرى”، ولا ندري هل هذا الترتيب بهذه الصيغة فرضا أم سنة؟ وهل يجوز مثلا القيام بحركة مضادة ومعاكسة؟، ويزيد أمزازي بضرورة “فرك ظاهر الأصابع وفرك الإبهام براحة اليد وفرك اليد اليمنى بحركة دائرية حتى تتشبك أصابعها براحة اليد اليسرى”، على أن يستمر غسل اليدين ـ حسب إنجيل الوزيرـ 40 ثانية على الأقل، وأخيرا تجفيف اليدين بورق استخدام ذي الاستعمال الفردي،
وهكذا تكتمل حصة “تعميد التلميذ” ويصبح طاهرا من كل رجس، وله أن يحك أنفه أو فمه أو عينه، وطبعا لم يفت أمزازي أن يرفع الحرج عن أمته بالقول”فإن لم تجدوا ماء وصابونا فتعقموا…”،وقبل إغلاق حصة التعميد ألزمت “مذكرة أمزازي” الأمة بوضع قناع في دخول “مدرسي مقنع”، وطبعا “لقناع الوزير” طقوس يرجى العودة بشأنها إلى إصحاحات “إنجيل أمزازي”.
وقد حول”إنجيل أمزازي” المعلم إلى معقم، فألزمه برش جنبات القسم ما بين الحصة والحصة، طردا للفيروسات الشريرة، وأثقله ببلوى التعقيم بمحلول يجهل تركيبته وتأثيره، ولا يتحدث أمزازي حتى عن تعويض هذا المعلم أو تلك المعلمة عن “المِيسْيون الجديدة”، مثلما لا يتحدث عن تأمين ضد كل تسمم من الإفراط في التعقيم، فربما “فلوس صندوق كورونا داهم زعطوط”، و”حكومة تاكل ومعلم يعقم فابور”…
في المحصلة لا تحمل مذكرة أمزازي أي رسالة اطمئنان لدخول مدرسي آمن في “مدارس المخزن” فبروتوكول أمزازي لا يعدو أن يكون صيحة في واد، سيلقى نفس مصير بروتوكول زميله وزير العدل، حين خرج علينا “حتا هو” ذات “يوم كوروني”، وأرعد وأزبد وجعجع ففرض المعقمات بباب المحاكم، وأقام ميزان قياس حرارة بالقسط بين المرتفقين، ووضع سجلا لتدوين أسماء الوافدين وأرقام هواتفهم، وكل تلك “البروباكاندا” دامت نصف أسبوع، وبعدها جفت معقمات المحاكم، واختفى “مول ميزان الحرارة”، وقد أخذ معه حتى “الجفّاف” الذي كان يعقم به رواد المحاكم أحذيتهم…
إنها أناجيلهم التي يكتبونها بأيديهم وعلى مزاجهم فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس “فعندو ماليه” و”اللي عندو عندو”…