واقع الشباب والإرهاب
بقلم الأستاذ : رشيد بونويجم
عندما نعود إلي ثنايا التاريخ الإسلامي في وهلته الأولي أي في بداية الرسالة النبوية وبالأخص زمن الرسول عليه الصلاة والسلام ، لن تجد حكما أو فتوى أو أمر بالقتل في حق شخص يخالفك دينيا أو لأنه يلبس لباسا فاضحا. لم يوجد فكر العداوة والبغضاء، وأيضا لا وجود لنية الكراهية أو تصريفها فعلا وقولا وفكرا، هناك بعض الفلتات للصحابة على سبيل المثال لا الحصر ما وقع مع الشخص الذي تبول في المسجد، لكن لا تعد كما نسمع في زماننا العجيب المريب، هناك كلمات خرجت فقط كرد فعل للغيرة على قدسية المكان ،أي جمل الحنق تولدت، فكيف كان رد رسول الله عليه السلام ؟
أقتله وشرب من دمه، والله لم يفعل سكت وتأنى وانتج رد فعل غاية في الحضارة والرقي، وتزداد الغرابة والشبهة عندما يأتي شخص ما ويقتل بدم بارد، لماذا؟ ربما لأنه في فهمه وظنه المغلوط يمارس الجهاد ويحارب الفساد فيقتل البريء الذي هو لا يعرف أصلا لما قتل. أليس الأمر غاية في الجهالة والتحجر؟ ما هذا الجمود العقلي والجنون الفكري؟ بأي ذنب يقتل شخص بريء؟ والمثير للسخافة أن الدين يصرح ما من مرة أن من قتل نفسا بغير حق كما قتل البشرية جمعاء.
ألم يصرح الأصل في الدين أي الفرقان في آية واضحة لا إكراه في الدين، لماذا الغوغاء تمارس الاحتيال في النص والمعنى؟ لماذا يريدون أبناء جلدتنا تقديمنا للعالم اننا إرهابيون وقتلة؟ ونحن هم الأصل في الضيافة والكرم، نحن دار الجود بروحنا الأمازيغية والعربية العطرة، أبمجرد أن الغريب القادم سياحة أو حبا في بلدنا نستقبله بالمدافع والسيوف؟ عار أن نشوه صورة بلدنا التي لها تاريخ طويل في التسامح والتأخي، ولمن أراد أن يتبين أن يراجع تاريخ بعض البقع الجغرافية في بلدنا ليعتبر، ألم تسمى مدينة تازناخت الموجودة بين الطريق الفاصلة بين اكادير وورزازات بمدينة الإخوة اليهود والمسلمين دون عنف وحرب لكل دينه الخاص حر في اختياره، فأحسنوا الجوار. كيف للبلادة أن تترسخ لدى شباب تلقفوا أفكارا مسمومة نسجت على مقاس الكراهية والإنتقام والقتل بدعوى زائفة هي نصرة الإسلام والجهاد، لقد سئمنا هاته الترهات.
في زمن قريب جماعة تريد تفجير الجامعة في ايت ملول المدينة، واليوم نسمع قتل السياح أجانب، وغدا ربما ننتظر الأفدح من هذا، ولكن التبصر القليل سيجد أنه هناك بعض الفواعل والمسببات التي تهيج الفكر المتطرف وتخلق برك الماء العكر الذي يحين الظروف والسبل لبناء الأغلاط وقلب الحقائق ونثر فكر العداء، كالمشاكل الاجتماعية من فقر و هشاشة وفشل مخططات التنمية، بالإضافة إحساس الشباب بالإقصاء والتهميش، زد عن ذلك الظروف المزرية التي أضحت تعيشها المدرسة المغربية العمومية، والظروف المؤزومة التي يعيشها الأطر الإدارية والفاعلون المباشرون من معلمين وأساتذة الذين صاروا فئة شبه فقيرة ومعدمة، فالمجتمعات التي تفلح في مجابهة الإرهاب هي التي تركز على الميكانزمات الفكرية فتضع المدرسة والمدرس بالخصوص في نصب أعينها، من أجل تحفيزه ماديا ومعنويا من أجل نشر الوعي والمحبة وبث روح الاختلاف في الناشئة، بالإضافة، إلى هذا خلقنا قصدا أو عبثا أو عشوائيا مواطنا ضعيفا في النقد والتمييز يقبل بكل ما يقدم له كحقائق مطلقة، لا يعرف حدود الحرية والفوضى لا يسأل عن البراهين والأدلة، إنسان هش وبسيط إلى درجة تثير الدهشة.
كيف لهذا المسكين أن يحلل الخطاب ويدرك الخطأ من الصواب إننا نحمله ما لا يحتمل ففاقد الشيء لا يعطيه، لدى فالمقاربات الأمنية ضرورة واقعية وذات جدوى، لكن المقاربة الفكرية الثقافية التعليمية ذات راهنية قصوى، وتأتي أكلها في صنع المواطن والمواطنة، ولكن إن همش وأقصي أحس بالضياع واللانتماء وهذا أخطر شيء تستغله الجماعات الإرهابية لزرع أمراضها الخبيثة فكرا وسلوكا، فواقع حال الوضع الآني يساؤلنا قاطبة مواطنا ومسؤولا في إعادة تدبر الوضع الحالي في كل نواحيه لبلوغ مطمح السلم والأمن الجماعي والفردي.وانا أحي السوسيولوجي المغربي السيد الطوزي عندما نبه لكيفيات صنع الوعي العام وأكد على دور المدرسة كثاني مستقبل تربوي بعد الأسرة فإذا سلمت منهجياتها وتحسنت ظروفها
ووضعت في صلب الإهتمام كأولوية بعد الوحدة الترابية وإذا تأزمت وإختلت فانتظروا الكوارث، فالايمان بالسلم والتسامح وقيم الإحترام وروح الإختلاف لا تبنى في ورشة أو ندوة أو مؤتمر، بل هي بناء يومي ومشروع استراتيجي متكامل المعالم دون ذوبان الهوية المغربية بمميزاتها الجميلة والنقية، هو كفيل برسم خارطة المغرب الجديد والمستقبلي، لذا دعونا من الشعارات وليتعبأ الكل ضد جريمة الإرهاب وهلموا نحاربه كما نحارب السرطان، نبحث عن سبل إجتثاته بروح المسؤولة وإرادة سياسية حقيقة دولة ومجتمع مدني ومواطنين، فلنبدأ بشن حرب ضروس مضادة فل نشغل ونداوي المناعة الفردية والجماعية، هذا هو المفر ولمحكمتكم أيها القراء الأعزاء واسع النظر.
تحية إجلال و إكبار أستاذنا رشيد بونويجم على هذا المقال الموضوعي .و ما له من تأثير في مجتمعنا الحالي .المزيد من التألق و الرقي إنشاء الله.
ما لا يأتي بالنضال يأتي بالمزيد من النضال.
تحياتي لك أستاذي العزيز مقال جميل فالمستوى ننتظر المزيد ??
مشاء الله عليك أستاذي تحياتي لك مقال جميل
تحياتي ياأستاذ وما شاء اله عليك
تصدمت صراحة مقال في غياية الروعة حتى وان لم يكن من حقي ان احكم على مستوى استاذي ولكن رائع صراحة
من تلميذك السابق مصطفى الوراد
مقال جيد أستادي العزيز واصل