جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

المغرب العجيب

 

بقلم الأستاذ : رشيد بونويجم (أستاذ مادة الفلسفة)

مما لا شك فيه، أنه في زمن قريب كانت الهجرة خارج الوطن تتخذ الشكل السليم قانونيا، إما من أجل الإستكمال الدراسة العلمية، أو من أجل البحث عن فرص شغل جديدة بأفاق متنوعة، تجعل المهاجر يهجر بلده وأحبابه ويفك وثاق العلاقات الإجتماعية، لكي يرتمي في أحضان ثقافة غريبة عنه شكلا ومضمونا، وعليه فهناك بعض الشروط المنتجة لظاهرة قيد الفحص، قبل تحديدها سنعود لظاهرة الهجرة، وهي انتقال مكاني والاجتماعي وثقافي من مجال جيو اجتماعي إلى أخر.

هي ظاهرة مركبة تجمع بين السياسي والاقتصادي والثقافي، فهي إما قسرية أو إختيارية، وهي عملية تاريخية قديمة جديدة، تمس جميع البلدان بدون إستثناء، سواءا أكانت مجتمعات متقدمة أو متخلفة، شرقية أو غربية، الكل تنفرض عليه كمشكلة أو حل، لهذا فهي تخيف البعض حفاظا على مصالح  أبناءه من الغريب، أو قد يكون مجتمع ما يعتبر الهجرة تنفس عنه الأزمات وتضخ عليه بعض “الريالات”، لكن الأمر الخطير والمفجع عندما تصبح الهجرة السرية، هجرة علنية يفتخر بها الشباب، في الفيديوهات المصورة، كأنهم حققوا انعتاق من العبودية، ذاهبين إلى الفردوس المنتظر، هاربين من أزمة إلى أزمة أقل ضررا، ورغم هذا فمسؤولينا لا زالوا غارقين في السبات العميق، ألا يتساءلون عن أية مواطنة نتحدث؟ رغم أنهم يصدحون بأصواتهم في سماء الإعلام صباح مساء، والأن هاته الفيديوهات أرخت للعائلات المهاجرة أيضا بأطفال رضع، للبحث عن فرصة عمل، عن أي تنمية نتحدث؟ ، وأطر تموت في البحر ، و أخرى تهاجر ضجرا من الأوضاع المزرية، أدمغة تهاجر صرفت الدولة عليها الملايين.

أنا أقف منصدما في مجتمع مدني ودولة يستقبلون أفارقة باسم حسن الضيافة والكرم، في حين مواطنينا هم أولى بذلك، وعندما نحقق الإكتفاء الذاتي، آنذاك نساعد ونستقبل ونعطي الحقوق، والآن هجرة المراهقين يهاجرون ويموتون، أليس هؤلاء فلذات أكباذنا، يموتون ولا أحد يحرك ساكنا، حيت أصبح الأمر إعتيادي كأخبار الظهيرة، نفزع ونعود لليومي الذي لا ينتهي، لكن عندما قتلت بنات سام الكل فزع، يحق لنا جميع الفزع، اتجاه جريمة شنعاء، ولكن ما يقع للشباب يلقون بأنفسهم في البحار، يريدون أن يكونوا عشاءا للقرش على أن يعيشوا في المغرب العجيب، هذا أولى و أحق أن تقف له الدنيا ولاتقعد، بحثا عن الشروط المسببة لظاهرة. عدو معي من فضلكم،المشاكل والكوارث، أزمة العطلة التي هي في ازدياد مستمر، ارتفاع نسب الطلاق، قلة الزواجات بفعل أزمات مادية لا تنتهي، هدر مدرسي، انتشار الجرائم المتنوعة، غياب الثقة في السياسيين، أزمات السكن، وفضائح السكن الإقتصادي، أزمة التعليم وهزالة المستوى والكفاءة، المشاكل الاجتماعية المرتبطة بالفقر المادي والفكري، المخدرات، ولا يسع المجال لذكر كل الشروط…. .

في خضم هاته المشاكل قد بدأ يبزغ الإنتحار أيضا، هنا مربط الفرس، ما مصير الشباب والمراهقين؟ المواطنة بالنسبة لهم مجرد شعار هم يسألون الجميع عن مقومات المواطنة يريدون التضحية ولم يجدوا السبل والمداخيل، يحسون بالغربة في وطنهم الأم، أنصتوا لأغنية جماهير الرجاء، أليست تعبيرا عن الألم والإستياء؟ ألا تؤجج فينا مئة سؤال، والله أستغرب، لكن المغرب العجيب الحبيب هذا حاله ولا نعرف مآله فلننتظر كيف ستنتهي قصة المعاناة والمأساة في الهجرات، أي مأساة تجارب الموت الإرادي.

 

تعليق 1
  1. Abdoul Ghani يقول

    تحليل كافي وشافي للظاهرة من كل جوانبها مقال رائع وجميل تحية للأستاذ رشيد زادك الله علما وجعلنا من المنتفعين به

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.