الطفولة التي تعيش المحنة بمجتمعنا
بقلم الأستاذ : رشيد بونويجم
دعونا ننصت للشارع الإجتماعي ونحس بنبضاته واحتكاكاته، أنه مليئ بالإرهاصات والتجليات التي ترفع راية المعاناة، دون كلام أو إزعاج في صمت مخيف كأنه بركان يستعد للإنفجار دون ضجيج أو اهتزازات مبشرة بقدوم الكارثة، وأنا ها هنا أشير بأصابعي إلى أطفال الشوارع ذكورا وإناثا، ظاهرة اجتماعية بامتياز، تنخر المجتمع المغربي وعلاقاته الاجتماعية وقيمه الأخلاقية، تعبر بشكل علني عن أزمة خفية في النسق الاجتماعي، في مدخلاته ومخرجاته، إنها ظاهرة قديمة جديدة، ونقصد بها بدءا، هي ظاهرة تتمثل في أطفال يعيشون في الشارع العام يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، أضحت الشوارع والأزقة بيتهم المنزلي، يتضمن مكان النوم والأكل واللعب وكسب الرزق اليومي لضمان الإستمرار، وداخل هؤلاء الأطفال يستوطن الإدمان ومحاولات الانتحار والعنف الجسدي والجنسي والنفسي، إنها ظاهرة مركبة ومعقدة، يصعب مقاربتها..
ظاهرة أطفال الشوارع إنبرت بشكل ملفت إلى الوجود خاصة في المدن الأكثر حركية وكثافة سكانية في بداية التسعينات، خاصة في ثلاث مدن وهي الدار البيضاء وطنجة ومراكش إلى درجة استفزت السلطات المحلية، حتى إنفرض عليها التنسيق بشدة مع جمعيات المجتمع المدني لإيجاد حلول ممكنة، أو على الأقل التقليل من حضورها، لكن المحاولات تكللت بالفشل الذريع، لأنها مجرد إرتجال تجاوز أهل التخصص في علم الاجتماع للتسلح بالمنهج العلمي للفهم وبعد ذلك التفكير بشكل جماعي في الحلول.