جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

الدار البيضاء..ثلاث نساء شابات يرسمن لوحة نبيلة للعمل التطوعي

كريم ناجي ومع

إن كان من وجه إيجابي لجائحة فيروس كورونا المستجد، فهو إسهامها في إذكاء لحمة التضامن، وتحرير الطاقات في العمل التطوعي، والكشف عن الاحتياجات الحقيقية للعديد من الفئات الاجتماعية التي تعاني من التهميش والهشاشة.

فالمد التضامني الذي انخرط فيه أشخاص ذاتيون وآخرون معنويون، شكل آلية عملية ناجعة للتخفيف من الظروف الصعبة التي فرضتها هذه الجائحة على فئات عريضة من المجتمع، وفي مقدمتها الأطفال الذين عانوا بسبب تدهور الوضعية المالية للأسر، ووجدوا مشقة كبيرة في متابعة دراستهم بشكل عاد بعد اعتماد نمط التعليم عن بعد.

وضمن هذا الاتجاه، جاءت حملة التضامن “مدرستنا فدارنا” التي أطلقتها بالدار البيضاء ثلاث نساء شابات تطوعن لجمع التبرعات من أجل اقتناء لوحات الكترونية وتوفير تعبئة الأنترنت لفائدة التلاميذ المنحدرين من أسر فقيرة.

متأثرات بالمشاكل التي ترتبت وظهرت مع إقرار التعليم عن بعد، بادرت إيمان عون وكنزة الرحيلي وزينب شفشاوني الموساوي إلى تقديم المساعدة للأسر التي لا تتوفر لها إمكانيات تزويد أبنائها بوسائط رقمية وربط بالانترنت لمتابعة الدروس عن بعد.

فهؤلاء الشابات، اللائي تتراوح أعمارهن بين 25 و29 سنة، كن وراء فكرة إطلاق هذه الحملة التضامنية، التي دعا إليها الشباب مع ومن أجل الشباب، بشراكة مع جمعية “ساعة الفرح” التي تتمتع بسمعة جيدة تخول لها احتضان هذه الحملة ومنحها المصداقية والشفافية المطلوبة في مثل هذه المبادرات.

متسلحات بالصبر والعزيمة، كانت لهؤلاء الشابات، اللواتي جمع بينهن حب التطوع، الشجاعة للأخذ بزمام المبادرة وطرق أبواب المانحين الكبار لتوفير الدعم للأطفال والشباب المتمدرسين، الذين لا يرجون شيئا سوى فرصة لاستكمال مسيرة التعلم.

فالأزمة الصحية الاستثنائية وغير المسبوقة فرضت قوانينها، وتم إغلاق المؤسسات التعليمية واعتماد نمط التعليم عن بعد الذي يستوجب توفير شروط معينة لنجاحه، وأيضا وسائل العمل اللازمة من حواسيب وألواح رقمية والربط بالأنترنت، والتي ليست في متناول الجميع، لاسيما الأطفال القاطنين بالوسط القروي وأبناء الأسر ذات الدخل المحدود.

ولهذا السبب تم إطلاق هذه الحملة، لجمع التبرعات قصد تمويل شراء ثلاثة آلاف لوحة رقمية وتعبئة أنترنت، والتي سيتم توزيعها بعدد من جهات المملكة، التي تشهد أعلى المعدلات من حيث الهدر المدرسي والفقر، ومنها جهة الدار البيضاء -سطات.

ولدعم عملية جمع التبرعات، تم توجيه الدعوة إلى عدد من نجوم الرياضة المؤثرين بالمشهد الوطني والدولي، الذين قاموا بتصوير كابسولات فيديو للتحفيز على التبرع، ومن بينهم بطل الملاكمة محمد ربيعي، واللاعبين الدوليين جواد الزايري وياسين بونو.

وبسرعة تفاعل هؤلاء النجوم مع هذه المبادرة التضامنية، مؤمنين بأهدافها النبيلة، والذين قبلوا على الفور ودون تردد رعاية الحملة ومساندتها لتحقق جميع أهدافها.

“اختيارنا القيام بهذا العمل، لم يكن اعتباطيا”، هذا ما صرحت به كنزة الرحيلي لوكالة المغرب العربي للأنباء، “لقد استلهمنا الفكرة من التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بإحداث الصندوق الخاص بتدبير تداعيات الجائحة، ومن اتساع المد التضامني داخل المجتمع المغربي، وخاصة بالأوساط الرياضية الوطنية”.

وقالت “كنا سعيدات بأن نرى كيف تقوت الجبهة التضامنية في مواجهة الجائحة، وإلى أي مدى تضاعفت الجهود التي تقوم بها المنظمات لإنجاح مختلف المبادرات التضامنية لصالح الساكنة الأكثر هشاشة”.

وأشارت هذه المتطوعة، التي تقتسم مع صديقتيها العمل في الميدان السمعي البصري، إلى أن أربعة أشهر من التفكير كانت ضرورية لرسم مراحل بناء هذه الحملة “مدرستنا فدارنا”، ووضع استراتيجية ملائمة لفهم احتياجات الفئات المستهدفة من الأطفال والاستجابة لها، لاسيما على المستوى البيداغوجي.

وأضافت أن ” كل واحدة منا كانت مؤمنة أنها ليست سوى جندية في خدمة المصلحة العامة، وأداء مهام ذات طابع إنساني، كنا متأثرات أن نشهد إلى أي حد قلبت الجائحة منظومة التعليم في بلادنا بشكل غير مسبوق”.

وتابعت “تحمسنا لفكرة العمل التطوعي خدمة لقضية التعليم، وحددنا هدفنا بإطلاق حملة تضامن لمساعدة التلاميذ المنحدرين من أسر معوزة على مواصلة تعليمهم”.

بعد تحديد الأهداف والرؤية وهوية حملة “مدرستنا فدارنا”، ووضع الاستراتجية التي ينبغي اتباعها لإدارة هذه الحملة، عملت هؤلاء المتطوعات على البحث عن خبراء في المجال لتنفيذ المشروع، في مقدمتهم جمعية “ساعة الفرح” التي رحبت بتقديم كل الدعم الضروري لإنجاح المبادرة.

ولهذا، تكفلت الجمعية بتغطية بعض التكاليف، في ما يخص التواصل واللوجيستيك، عبر تعبئة شركائها الخواص الوطنيين والدوليين، لمساندة عملية جمع التبرعات.

وفي ما يتصل بشراء اللوحات الرقمية، قامت الجمعية، التي اعتمدت على تعبئة ومساهمات المانحين، بتوجيه دعوة للتبرع من أجل توفير المال الكافي لتوفير اللوحات الالكترونية اللازمة للبدء بتغطية إحدى الجهات بـ 500 لوحة، علما أن الجهات المستهدفة هي الدار البيضاء -سطات، ومراكش -آسفي، وبني ملال -خنيفرة، ودرعة -تافيلالت، والشرق، وفاس -مكناس.

وتبعا لذلك، لجأت الجمعية إلى التنسيق مع مختلف المتدخلين في هذه العملية، من مختلف القطاعات، وعلى الخصوص في الجوانب المتعلقة بالقوانين والإدارة والجوانب العملية والتواصلية، ومتابعة التنسيق مع مختلف الأطراف المعنية والمهتمة بالمشروع من قطاعات وزارية وجمعيات محلية، ووضع ملفات طلب التمويل والاحتضان، وتأمين التدبير اللوجيستيكي والمالي للحملة.

تصميم هؤلاء الشابات على الانخراط في عمل تضامني وتطوعي ليس وليد اليوم، بل يعود إلى سنوات من قبل، إذ سبق لهن إنجاز شريط قصير للتحسيس بالعنف اتجاه النساء لفائدة الجمعية، وتنشيط ورشات لفائدة مدارس الفرصة الثانية، وإنتاج كبسولة فيديو لفائدة إحدى الهيئات الاجتماعية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.