مثلية الجنسية !
بقلم الأستاذ : رشيد بونويجم
لعل أن الحديث عن بعض القضايا يستدعي التبصر ،لذا فالقضية المطروحة أمامنا هي قضية المثلية الجنسية، التي طفت إلى الوجود المرئي والتداول اليومي، حتى باتت تعد من أشنع الفضائح، لكن وجب أن نكون على علم أنها قضية تاريخية بامتياز ليست وليدة اللحظة بل غارقة في القدم وعرفتها كل المجتمعات القديمة، وحتى من المنظار الديني سنجد قصة قوم لوط، لكن هناك قصص أخرى ذات طابع أنثربولوجي، مثل ما كان يحدث في القبائل الأفريقية الأميسية حيث المرأة تلعب دور الرجل والعكس بالعكس
فنشأت العلاقات الجنسية المتماثلة بين النساء مع النساء والرجال مع الرجال، لكن ما القصد بالمثلية الجنسية؟ هل مرض نفسي؟ أو خلل هرموني؟ أو هي طبع جيني؟ أو فساد خلقي؟ كلها أسئلة تتطلب الإجابة لنساهم بها في تنوير الرأي العام، أولا نحن في المجتمع المغربي ننظر لحالات المثلية الجنسية كموضوع مسكوت عنه أي من الطابوهات، لذا سنبتعد عن الوعي العام ونطرق باب التحليل العلمي
وقبل ذلك وجب أن انبه انه في السنوات القليلة التي مضت انتشرت معلومة تقول بأن المثلية لها مسببات بيولوجية مرتبط بالجينات، وبعد مدة قصيرة اكتشف ان الباحث الأمريكي الذي أخرج المعلومة للرأي العام الدولي كشف أنه مثلي جنسي، ولدفاع عن مثليته أراد أن يعطيها تعليلا علميا للبرهنة على وجودها كنتيجة طبيعية لا دخل للشخص فيها، بل الجينات هي المسؤولة فهذا كله كذب وزيف انتشر، والغريب أن هناك من صدق، لكن هناك سبب بسيط لا يمنح المثلية بل يزيد من نسبة الهرمونات الانثوية خاصة إذا كان هناك صبغيات أنثوية زائدة
لكن لا علاقة للهرمونات بالمثلية الجنسية لأن الهرمونات لا تولد الميولات بل تضيف صفة أو صفات أنثوية لا تؤدي بالبث والمطلق إلى المثلية الجنسية، وهذه الهرمونات تكون إضافة طبيعية إما إلى الذكور أو الإناث، لذا فهذا الوضع الهرموني بريء من المثلية، لأنها هي الميول الإرادي لإشباع الغرائز الجنسية من نفس الجنس، أي ذكر نحو أخر وأنثى نحو أخرى، لذا فالميول الجنسي لا يتشكل في برهة من الزمن، بل يعرف سيرورة تبدأ منذ الطفولة المبكرة والوسط التفاعلي المحتضن يلعب دورا أساسيا في تشكيل سمات الميول بطريقتين شعورية ولاشعورية،
وهنا لتجاوز الغموض سننتقل لحالة عينية مباشرة، سنجد حالة ج ب يعيش في أسرة تغمرها الانوثة هو الوحيد الذي يعد ذكرا مع أربع بنات فكان في مظهره جميل القد وحسن الصورة، فكان يمدح بالجمال والوردة والفنون والزين شيئا فشيئا بدأ يتشرب الأنوثة في المسلكيات والكلام إلا أن وجد نفسه أنه تلبسه المعنى الأنثوي، فأضحى يعمل بجد على إتقان الملبس والحوار النسائي ولا يخالط الرجال
إلى أن دخل عالم النساء فصار منهن، ففي التحليل النفسي لا يمكن بلورة وظهور سمات المثلية إلا إذا بدأ إستيعاب معنى التصور الجنسي وهنا ضمن الرأي العام نميل إلى مثلية الذكور وننسى مثلية النساء التي لازالت لم تنفجر إعلاميا، ماالقصد بتشرب المعنى؟ أي شخص في بنيته النفسية فهو يتضمن في عناصرها حوامل أنثوية وذكورية ولكن تنتصر إحدى الحوامل حسب الصنف الفزيولوجي
والمتتبع لحالات بعض المثليين ذكور هاجروا لبعض الدول فقاموا بإنجاز عمليات التحول الجنسي فصاروا إناثا بنفس خصوصية الجسد كالثديين وفتحة مهبلية، ولكن في شهوة المتعة وميولها يسير نحو الذكور، والأدهى من ذلك أنه بعد مدة يعود للمعنى الأصلي جنسيا ويبدأ بشهوة النساء، ومنهم من أعاد العملية الجراحية ليعود لحالته الفزيولوجية الأصلية، هنا بالضبط تنفضح المثلية بنوعيها، فتصير إختيارا شعوريا وميولا تركبت فيه رغبات ماتعا جنسيا، لذا فمسؤولية الاختيار الجنسي جزء منها إرادي وجزء خفي لاشعوري، هنا ننفي المسؤولية الجنية، أو بالأحرى كذبة الجينات
ولا ننسى أن هناك فئة شجعتها ظروف معينة فجرت الميول المثلي، من قبيل الاغتصاب واكتشاف لذات الجنس الشبيه، أو موضة العمل الجنسي الشاذ في تركيا من أجل الربح المادي، أغلب المثليين لايقبلون هذا التفسير لأنه يفضحهم ويكشف حقيقتهم، فبإرادتهم ووعيهم والعلاج متوفر لكن المؤسسات المؤهلة والمحتضنة هي التي غير موجودة، وختاما لابد أن نشير أن المثلية تحتوي في طياتها أعطاب نفسية عويصة يصعب فكها، لذا لا تتوقف أمام الفساد الأخلاقي و إصدار الأحكام القيمة بل الأمر أفدح بذلك بكثير.
كالأعطاب التربوية والاجتماعية وصعوبات الاندماج والتواصل وقوة الضغط الإجتماعي الممارس وقلة مجالات الترفيه والإبداع وهذه المقومات الأزموية تتراكم إلى أن تلد المثلية فسياق تراكمي تدريجي حتى تنوجد المثلية الجنسية كما نراها الأن في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى