المباني الآيلة للسقوط ببني ملال: أربعة أسئلة لمدير الجهوي للتعمير

في هذا الحديث لوكالة المغرب العربي للأنباء يجيب السيد عبد الرحيم لغماري المدير الجهوي للإسكان وسياسة المدينة لبني ملال خنيفرة عن مجموعة من الأسئلة حول المباني الآيلة للسقوط بالمدينة القديمة لبني ملال، وبرنامج تدخل الوزارة في هذا الشأن. 1// ما هي مشاكل النسيج العمراني بالمدينة القديمة لبني ملال؟

تعتبر المدينة القديمة لبني ملال نموذجا مصغرا لما تعانيه المدن القديمة للمملكة من جملة من الاشكالات والاختلالات، غير أن المدينة القديمة لبني ملال تتميز بفرادتها وذلك بوجود شبكة من الكهوف تعتبر مصدر خطر للبنايات القديمة بالمدينة.

قامت الوزارة بمعية شركائها بإجراء مجموعة من المسوحات التقنية بناء على دراسات جيوفزيائية أنجزتها مكاتب دراسات مختصة وتم مسح كامل تراب المدينة القديمة على إثره تم تصنيف هذه المدينة الى مناطق حسب درجة الخطر.

فهناك بنايات تصنف في حالات الخطر العالي جدا لقرب الكهوف من السطح مما يؤثر على استقرار ومتانة هذه البنايات وتقدر حاليا بحوالي 240 بناية، علما أن هذه الأرقام هي متأرجحة ومتغيرة بفعل الدينامية التي تعرفها المدينة القديمة في جيولوجيتها وديناميتها الاضطرابية والجيوفيزيائية.

أما في ما يتعلق بالبينات التي تصنف بأنها في خطر عالي فتقدر ب 230، فيما تبلغ عدد الدور المتوسطة بحوالي 196 بناية.

أما الباقي أي حوالي ألفي بناية (علما أن مجموع بنايات المدينة القديمة هو 2791 بناية) فلا نستثنيها من الخطر القائم رغم أنه يوجد ضمنها بعض البنايات غير مصنفة في حالات الخطر.

هذا وتقوم السلطات بحملات تحسيسية رفقة اللجنة المحلية لتتبع وإنجاز برنامج إعادة الايواء، بشكل دائم أمام وجود مستمر للأخطار المرتقبة في كل لحظة من اللحظات.

وهنا أود التذكير أن المسكن الذي انهار بالزنقة 6 بساحة المقاومة بالمدينة العتيقة ببني ملال، يوم الخميس 4 مارس 2021 على الساعة 6 مساء، وتوفيت فيه سيدة في الستين من عمرها، هو منزل غير مصنف في أي خانة من خانات حالات الخطر الآنفة الذكر، ويبدو من أي معاينة بالعين المجردة لهذا المنزل أنه متين ومتماسك غير أنه للأسف انهار.

2// ما هي تدخلات وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة في هذا الإطار؟ في ما يتعلق بشق التدخل في المباني الآيلة للسقوط، رصدت الوزارة مبلغ 31 مليون درهم رفقة شركائها على صعيد المنظومة المحلية وخاصة الجماعة الحضرية لبني ملال من أجل معالجة وضعية حوالي 800 أسرة. وتكلفت الوزارة بإعادة إيواء حوالي 298 أسرة بتجزئة النور الواقعة في محيط مدينة ببني ملال، فيما تكفلت الجماعة الحضرية لبني ملال بمواكبة حوالي 300 أسرة من أجل إعادة البناء بذات الموقع بالمدينة القديمة، وأيضا تخصيص مواكبة تقنية من أجل ترميم واجهات بعض البنايات التي تعرف بعض التشققات والصدوع في واجهاتها.

وقد تم لحد الآن معالجة وضعية 257 بناية تمت إزالة ردومها وأتربتها وتهديمها لما تشكله من خطر على المارة والأمن العمومي. كما تم إعادة إيواء حوالي 228 أسرة وتسليم 153 بقعة أرضية ومعها منحة مالية تقدر ب 20 الف درهم، مع الاشارة الى أن هذه البقع الأرضية تسلم بالمجان لفائدة الأسر المعنية.

أما بخصوص آلية الاستفادة من البقع والتعويضات المالية فمن الضروري أن يكون المستفيد قاطنا بالمنطقة انطلاقا من تاريخ مرجعي مقبول، ولم يستفد من أي دعم من الدولة في المجال وألا يكون مالكا لأي عقار.

3// ما هي العراقيل والإكراهات التي تواجه هذا البرنامج؟

يصطدم هذا البرنامج بمجموعة من العقبات، فبعض السكان وهم في أغلبهم مكترون علما أن أغلب الملاك خرجوا للاستقرار خارج أسوار المدينة القديمة غير منخرطين في هذه الدينامية. إن عدم الانخراط في العملية من طرف الفئة المستهدفة يرجع في المقام الأول نوعا ما لبعد مكان الاستقبال وهو تجزئة النور وارتباطهم الوجداني بالمدينة القديمة التي بها يوجد مصدر رزقهم.

وهذا يجرني الى الحديث عن المضمون الاجتماعي الهش للمدينة القديمة لبني ملال، فما يمكن تسجيله هو غياب صناعة تقليدية مدرة للدخل وفرص الشغل، وكون بعض المنازل غير مزودة بالماء كما أن الشبكة متقادمة، رغم ما بذل من جهود لإعادة ترميمها، كما أن أغلب البنايات كانت تقوم بعملية التطهير السائل والصلب في الكهوف المتواجدة أسفل البنايات مما يؤدي لتزايد خطر تدهور وتهدم البنايات.

غير أن من حسنات المدينة القديمة هو تموقعها في قلب بني ملال فهي ذات جاذبية لساكنة المدينة والمدن المجاورة، وتتوفر على أنشطة اقتصادية ومحاور طرقية محيطة وداخلية وإن كانت الشبكة تساهم في عدم الاستقرار بالمنطقة نظرا لكثافة السير والجولان في فضاء يتوفر على كهوف، ثم تدهور الفضاءات المعمارية من زوايا وبنايات تاريخية.

لكن ذلك يقابله أيضا وجود فرص لإعادة تأهيل وترميم هذه البنايات من أجل إعادة تنافسة المدينة القديمة.

4// ما هي تدخلات وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، في الشق المتعلق بتأهيل ورد الاعتبار للمدينة القديمة لبني ملال؟ انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية فيما يتعلق بتثمين وصيانة والنهوض بالمدن القديمة، رصدت الوزارة مبالغ مالية معتبرة لرد الاعتبار لهذه المدينة عبر تهيئة مجموعة من الساحات العمومية والمساحات الخضراء وكذلك ربط هذه الساحات والمناطق الخضراء فيما بينها وتبليط مجموعة من الأزقة الداخلية وتثبيت الكهوف الواقعة تحت المناطق العامة والتي تشكل مصدر خطر على استقرار البنايات والمحلات التجارية.

هناك مجهود محمود من طرف الوزارة فيما يتعلق برد الاعتبار وتثمين المدينة القديمة لبني ملال حيث تم تخصيص 50 مليون درهم لتهيئة الفضاءات العمومية والمساحات الخضراء وتأهيل الطرق المحيطة والتبليط تم تثبيت الكهوف في الفضاءات العمومية التي كانت مصدر خطر وعدم استقرار. وقد بلغنا لحد الآن نسبة 95 في المائة من إنجاز هذا البرنامج.

وبإشراف من والي الجهة ومشاركة المنظومة المحلية مجتمعة نحن الآن بصدد إعداد برنامج تكميلي من أجل التدخل التكميلي في البنايات الآيلة للسقوط، ورد الاعتبار وتثمين المدينة القديمة بمعية شركة العمران وجماعة بني ملال ووزارة الإسكان وسياسة المدينة والمديرية العامة للجماعات المحلية.