القانون 19-55 المتعلق بتبسيط المساطر لبنة جديدة تنضاف إلى الصرح
يبدو أن ورش تطوير مجال الاستثمار، الذي انخرط فيه المغرب منذ فترة طويلة، يسير على الطريق الصحيح، وذلك بفضل الترسانة القانونية والتنظيمية، التي تعززت بدخول القانون الجديد رقم 19-55 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية حيز التنفيذ.
فبعد تفعيل وتعميم الجيل 2.0 للمراكز الجهوية للاستثمار، يأتي هذا القانون ليضيف لبنة جديدة لصرح تحسين المسار الإداري للمستثمر، أحد المتعاملين الرئيسيين مع الإدارة المغربية.
ومن شأن توفير بيئة تنظيمية مواتية لإحداث المقاولات وتنفيذ مشاريع استثمارية أن يساهم في كسب المغرب، بكل تأكيد، لنقط ثمينة على مستوى تصنيف ممارسة الأعمال للبنك الدولي. وقد تمكن المغرب، خلال سنة 2020، من تحسين ترتيبه من خلال قفزة من سبع مراتب ضمن التصنيف المذكور، ليرتقي إلى المرتبة 53 على الصعيد العالمي.
وفي التفاصيل، احتلت المملكة المغربية المرتبة 43 على مستوى “إحداث المقاولات”، وذلك بفضل عملية إحداث مكونة من 4 مساطر ينبغي إتمامها، مقابل 6 إجراءات خلال سنة 2010، وذلك على مدى 9 أيام كمعدل.
ولوضع تصنيفه السنوي، الذي تراقبه عن كثب وكالات التصنيف، والذي ثبت تأثيره على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، يقوم البنك الدولي سنويا بدراسة مجموعة من التدابير ومنها على الخصوص مساطر إحداث المقاولات، والحصول على تراخيص البناء، ونقل الملكية، والتي تعد من ركائز تنظيم وتقنين الأعمال.
وهكذا، فإن إصلاحا من هذا القبيل يجد معناه في ظل هذه الظرفية من أجل تحسين نجاعة الإدارة والنهوض بجودة خدماتها، في أفق إرساء مرفق عمومي جيد وشفاف وسهل الولوج، قادر على تلبية احتياجات وانتظارات مختلف المتعاملين مع الإدارة، بمن فيهم المستثمر.
ويهدف القانون 19-55، الذي يرتكز على مبادئ الحكامة الرشيدة والتدبير العصري، والاستفادة من تكنولوجيات الإعلام والاتصال، إلى خلق مناخ من الثقة بين الإدارة ومستعمليها.
ومن بين الأهداف الرئيسية، نجد تحديد المبادئ والأسس العامة التي تؤطر الإجراءات والمساطر الإدارية المتعلقة بالخدمات المقدمة للمستخدمين بناء على طلباتهم، وتأطير معالجة وتسليم الوثائق الإدارية، وتأمين حق المرتفق في الطعن في حالة صمت الإدارة أو صدور ردود غير مواتية منها.
وفي هذا الإطار، أكد عبد الغني اليومني، المختص في السياسات العمومية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن القانون رقم 55.19 يشكل إصلاح ا مهما يروم تحسين أداء القطاع العام، وتحول ا كبير ا في التدبير العمومي، نحو تعاون تفاعلي وفعال للإدارة العمومية مع المواطنين والفاعلين في الاقتصاد الخاص”.
وقال اليومني إن هذا القانون يمثل ثورة حقيقية، بالنظر إلى أنه سيؤثر بشكل إيجابي في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والاستثمارات المحلية، كما سيقلص من تكاليف المعاملات، وكذا من آجال إنجاز المشاريع.
وأشاد بالآثار الإيجابية للتحول الرقمي، التي يحملها هذا الإصلاح، الذي سيرسي أسس صناعة المستقبل معززة بمرفق عمومي داعم للقطاع الخاص، مستفيدا من التكنولوجيات والتحولات والابتكارات الرقمية.
وأعرب عن ارتياحه لكون “هذا القانون يشكل فرصة ستمكن فضلا عن ذلك من تقليص الآجال والتخفيف من عبء الوثائق الورقية، ومكافحة الفساد والتمييز، الذي يواجه المرشحين لخلق القيمة”.
وبالنسبة للسيد اليومني، فإن مزايا القانون رقم 55.19 لا حصر لها، حيث يمكنها جلب مكاسب لا تقدر بثمن بالنسبة لمرتبة المغرب في تصنيف ممارسة الأعمال، الذي يظل مرجعا بالنسبة لوكالات التصنيف، ولأموال الاستثمارات التي ت صدر للاستفادة من المزايا الضريبية وتكاليف العمل في البلدان ذات التصنيف الأفضل.
وخلص إلى أن “الحقائق تكشف أن العلاقات قوية بين المعايير العشرة لمؤشر ممارسة الأعمال والإصلاحات الاجتماعية والضريبية والمالية والاقتصادية لتصبح مجالا لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة”.
++ إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار: قفزة هائلة !
لم يتأخر القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وإحداث لجن جهوية موحدة للاستثمار في إعطاء ثماره، والتأكيد على أهمية هذا المنعطف الاستراتيجي. وقد انخفضت مدة معالجة ملفات الاستثمار بشكل ملحوظ لتصل إلى معدل 29 يوم ا في سنة 2020، مقابل أكثر من 100 يوم في السنوات السابقة.
وفي ضوء هذا الإصلاح، أصبحت المراكز الجهوية للاستثمار مجهزة بشكل أفضل بالأدوات الكفيلة بتطوير وتشجيع والنهوض بالاستثمارات على المستوى الجهوي، والمواكبة الشاملة للمقاولات، لا سيما المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة.
وحتى في ذروة الأزمة الصحية، اضطلعت المراكز الجهوية للاستثمار بأدوارها كاملة، وبشكل لا تشوبه شائبة، مستفيدة من الآليات الرقمية، مثل منصة CRI-Invest، التي استأثرت باهتمام قوي من قبل المستثمرين.
وتظل الحكامة والرقمنة، من المكونات الرئيسية في هذه الدينامية الجديدة التي تم ضخها في الإدارة المغربية، لجعلها رافعة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وحافز ا للتنافسية الجهوية بالمغرب.