أبنائي أحرجوني بالسؤال عن فلسطين: بماذا أجيبهم؟
بقلم الأستاذ : محمد الشمسي
يسألني أبنائي من الجيل الناشئ عن فلسطين، كيف وقعت تحت الاحتلال، وكيف يبطش الصهيوني بأطفالها ونسائها وعمرانها دون أن يتحرك العالم؟، وكيف يهب جل هذا العالم لدعم المحتل ولوم أهل الأرض؟، وكيف يغض العرب والمسلمون البصر عن قتل إخوانهم في الدم وفي العقيدة وفي الإنسانية بل ويباركونه …؟؟؟
أخجل من نفسي وأنا أحكي لهم كيف فرط الإخوة في شقيقتهم، وأخاف على قلوب صغاري من كل نبض زائد لأحدثهم كيف بِيعت فلسطين في محطات الخداع العربي، هل أقول لهم ان التاريخ القديم نعت الإنسان العربي بالكريم و التاريخ الحديث زاده نعت الغدار؟…
يسألونني عن قوة السعودية و جعجعة تركيا و وعيد إيران و خرس مصر وصمت باكستان وعن ثراء دول الخليج وعن المغرب والجزائر والسودان….فقد قرؤوا عن صفقات أسلحة بملايير ملايير الدولارات، لماذا يبذرون أموال شعوبهم في اقتناء أسلحة تظل في المستودعات حتى تصدأ…؟.
يسألونني عن جدوى حفاوة الاحتفال بالتطبيع مع عدو الأمة خلال الأشهر الخالية، وكيف قدموه للأجيال وليا حميما، ماذا جنا المطبعون من تطبيعهم؟، ألم يقل أحدهم أنه طبع لخدمة القضية؟، فأين الوعد وأين الخدمة؟…فلا هم بقراءة صحيح البخاري ولا هم صعدوا للقمر مع الصاعدين…
يسألونني عن حال تلفزتينا الأولى والثانية ما إذا كان قد مسهما ضر التطبيع، فالظالم والمظلوم في نظرهما قتيل، تستخسران صفة شهيد في حق من قتل ظلما ودفاعا عن وطنه وعرضه، ثم ما بال القناتين ليلة السبت تطلقان العنان لحفلات الرقص والغناء والطرب غير مباليتين بعداد الشهداء وهو يتخطى رقم 200؟…
ما عساي أحكي لهم وهم يلحون علي بالسؤال، ويضنيهم أن بعضا منا يبكون لحال العدو ويبغضون الإخوة….ويواجهونني بشظايا تدوينات نزقة يسيل الخبث والمكر على جنباتها كما يسيل القيح من الجرح العفن…رسائل حطمت كل الأرقام في التلهوق حتى بات أصحابها مستعدين لتقديم نسائهم وبناتهم وحتى أمهاتهم قرابين لفراش العدو تعبيرا منهم عن الموالاة حد العبادة….
تعرقت أمام هذا القصف من الأسئلة نوع “إحراج إحراج”، فقلت، و من قال لكم إن القضية ماتت وأن سجلاتها طويت، وأن أوراقها مزقت وأن أهلها يستحقون شفقة؟، هذا المحتل بجيشه الشديد الذي هزم كل العرب في ستة أيام ، حين جاءته صاخة المقاومة فر الصهيوني فيه من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته نحو ملجأ تحت الأرض يأويه…ففزع الغاشم الباغي وارتعب ودفن نفسه حيا وهذا وحده يكفيه… ما عسى العربان أن يُكسِبوا فلسطين؟، فالقوة في الاتحاد المتين المكين، لأن الذباب كلما احتشد تيسر إهلاكه بضربة واحدة…
لا تبتئسوا لحال فلسطين ولا تحزنوا يا أبنائي، فهي هناك في خندقها بإباء واعتزاز وأنفة وكبرياء تؤلف ملاحم الرفعة والعزة والشرف…فأما الحجر فيُهدم ثم يُبنى حجر بدلا عنه فتلك حضارة، وأما القتل فأرواح تُزهق وأخرى تولد فالفلسطينية ولاّدة، وأما الألم والمحن فهما أوكسجين أهل فلسطين، وأما الخزي فيُبقي أهله جُنُبا حتى يطّهّروا…ستهدأ السيول يوما ويصفى ماءها، فأما الأوحال فترسب في القاع وأما الصافي من الماء فيتلألأ براقا زلالا… ستبقى فلسطين امتحانا تخفق فيه الإنسانية كل يوم …