اليوم العالمي للشاي…الدعوة إلى اتخاذ التدابير الضرورية لتعزيز استدامة قطاع الشاي
إعداد: ربيعة صلحان (ومع)
يعد الشاي أكثر المشروبات استهلاكا في العالم بعد الماء، كما أنه يعتبر مصدرا رئيسيا للدخل بالنسبة لملايين الأسر خاصة في البلدان النامية، لكن في المقابل يواجه قطاع الشاي عدة تحديات، تقف عائقا أمام تطور القطاع واستدامة سلسلة قيمة الشاي.
ويعتبر اليوم العالمي للشاي، الذي يصادف 21 ماي من كل سنة، دعوة للاحتفال بالتراث الثقافي والفوائد الصحية والأهمية الاقتصادية للشاي، وفرصة لتسليط الضوء على مساهمته في تحقيق جدول أعمال أهداف التنمية المستدامة 2030.
وبهذا الخصوص، أكدت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في تقرير على صفحتها، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشاي، أنه على الرغم من المساهمة الحيوية للشاي في التنمية القروية والحد من الفقر، لا يزال القطاع يواجه مجموعة من التحديات، بما في ذلك “التأثيرات المناخية الضارة، وعدم قدرة صغار المنتجين على الوصول إلى الأسواق، ونقص الشفافية وعدم استدامة سلسلة قيمة الشاي”.
وأشارت (الفاو) إلى أن الشاي، الذي تعود أصوله إلى أكثر من 5000 سنة، “يزرع حاليا في أكثر من 35 دولة، ويدعم أكثر من 13 مليون شخص، بما في ذلك صغار المزارعين وأسرهم، الذين يعتمدون بشكل أساسي على قطاع الشاي في سبل عيشهم”.
وأبرزت المنظمة أن عملية إنتاج الشاي حساسة جدا في ما يتصل بالتغيرات في الظروف الزراعية، إذ لا يمكن إنتاج الشاي إلا في ظروف زراعية بيئية دقيقة ومحددة، وبالتالي فإن إنتاج الشاي يقتصر على عدد محدود من الدول، يعاني عدد منها من آثار التغيرات المناخية بشكل كبير.
وأوضحت في هذا السياق، أن التغيرات في درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار وزيادة نسبة الفيضانات وموجات الجفاف، بدأ يؤثر بالفعل على المحصول وجودة إنتاج الشاي وأسعاره، مما يؤثر بدوره سلبا على مستوى الدخل ويهدد سبل العيش في الأرياف.
وفي ظل توقعات تزايد حدة هذه التغيرات المناخية، دعت المنظمة الأممية إلى اتخاذ تدابير لتعزيز استدامة القطاع بشكل أكبر، عبر وضع استراتيجيات للتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، وتعزيز شفافية السوق، واستدامة سلسلة قيمة الشاي ووضع سياسات للإنتاج المستدام للشاي يستفيد منها، في المقام الأول، صغار المزارعين، مؤكدة في المقابل “ضرورة المساهمة في التخفيف من حدة تغير المناخ من خلال الحد من انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج الشاي وتصنيعه”.
ورغم هذه التحديات، تتوقع منظمة الفاو، في آخر تقرير لها حول إنتاج واستهلاك الشاي في العالم، أن يستمر الارتفاع في معدل الاستهلاك والإنتاج العالمي للشاي خلال العقد المقبل نتيجة الطلب القوي عليه.
ويشير التقرير الصادر سنة 2018، والذي يرصد وضع السوق الحالي وتوقعات المدى المتوسط للشاي لعام 2027، إلى أن الزيادة الكبيرة في استهلاك الشاي لا سيما في الصين والهند والبلدان ذات الاقتصادات الناشئة، مرتبط بارتفاع مستويات الدخل وزيادة الجهود المبذولة لتنويع الإنتاج ليشمل أنواعا متخصصة مثل شاي الأعشاب والشاي الممزوج بنكهات الفاكهة والنكهات المميزة الأخرى.
ويؤكد التقرير، أن زيادة الوعي حول فوائد الشاي المضادة للالتهابات والأكسدة وفقدان الوزن، تعد أحد المحركات الرئيسية لنمو الاستهلاك في المستقبل.
وفي ما يخص الإنتاج، يتوقع التقرير ارتفاع الإنتاج العالمي من الشاي الأسود سنويا بنسبة 2,2 في المائة خلال العقد القادم ليصل إلى 4,4 مليون طن خلال 2027، نتيجة زيادة كبيرة في الإنتاج في كل من الصين وكينيا وسريلانكا، فيما من المتوقع أن يشهد الإنتاج العالمي من الشاي الأخضر ارتفاعا أسرع يبلغ 7,5 في المائة ليصل إلى 3,6 مليون طن في 2027، مدفوعا بشكل رئيسي بمستويات الإنتاج في الصين، التي يرتقب أن تتضاعف وترتفع من 1,5 مليون طن سنويا ما بين 2015-2017 إلى 3,3 مليون طن في 2027.
وفي ما يتعلق بالسوق الأوروبية، أبرز التقرير الأممي، أنه خلال العقد القادم، من المتوقع أن تشهد الدول الغربية، بصورة عامة، انخفاضا في الاستهلاك، فعلى سبيل المثال، يتوقع أن ينخفض استهلاك الشاي في المملكة المتحدة، التي يكافح فيها الشاي الأسود ليحافظ على اهتمام المستهلكين في خضم زيادة التنافس مع المشروبات الأخرى، خاصة القهوة.
وأكد التقرير أن الانخفاض في استهلاك الشاي في الأسواق الأوروبية التقليدية يمكن أن يتوقف أو ينعكس من خلال التنويع في إنتاج فئات أخرى، مثل الشاي العضوي، ومن خلال التوعية بفوائده في مجال الصحة، مستدلا بهذا الخصوص بالنتائج المسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يشهد سوق أوراق الشاي نموا متزايدا، نتيجة لزيادة الوعي بالصحة العامة وبفضل استراتيجية التوعية بالفوائد الصحية للشاي.
وهكذا تبدو الحاجة ملحة لتكثيف الجهود للنهوض بقطاع الشاي باعتباره دعامة أساسية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030، خاصة فيما يخص القضاء على الفقر (الهدف 1) والقضاء على الجوع (الهدف 2) وتمكين المرأة (الهدف 5) و حماية النظم الإيكولوجية (الهدف 15)، من خلال العمل على بلورة استراتيجيات ومشاريع لإنتاج الشاي واستهلاكه على نحو مستدام، وإذكاء الوعي بأهمية الشاي في مكافحة الجوع والفقر.