فصل المقال في ما لمواقع التواصل من استعمال
في زمن ليس ببعيد، لكنه يبدو لكثرة الأحداث التي تلته، كأنه ماض سحيق، استفاق القوم على كشف جديد.
ظهر الإميسين فملأ الدنيا وشغل الناس. تجلس في ركن بيتك وتحادث شقراء في أقاصي البقاع وتتغنجي وأنت ملتفة بألف غطاء على عاشق ولهان يقاوم بعد المكان وفارق الزمان.
وتسابق الإفرنجة على عرض المنتج تلو المنتج. فها هو الفايسبوك لكسب الأصحاب والخلان، وعرض الصور والقصص. أما اليوتيوب فلا تدخله إلا لكي لا تخرج منه. يأخذك شريط مصور لآخر. فها أنت تتابع ربة البيت من استيقاظها إلى أن تعد الطعام. تتفرج على أركان بيتها وتفاصيل جسمها المكتنز.
وكأن كل هذا لا يكفي. فأصاب القوم ضرب من الجنون، فإذا بهم في الانستقرام يتباهون وفي التكتوك يتراقصون.
أخذ الأعراب الأمر على محمل الجد، وتنادوا لفتح جديد. نحن أهل الخطابة والكلام ولنا باع في ضروب الهجو والمدح والغزل والهيام.
هلم بنا لنستوطن هاته المواقع، ونصبح أسيادها بلا منازع.
وظهر من بيننا شيوخ القبيلة يقولون القول فنتبعه. وننتظر ما استقر عليه رأيهم في نازلة ما لنهلل به وويح من أفتى بغير الرأي.
وتفننا في أشكال الاستعمال ولهاته المواقع وجدنا أكثر من استغلال:
– التفاخر: ولتكن المركبة ليست لي والمفارش. لا يهم. لأنشرن صورة لي و أنا في أفخم المجالس و أمامي مالذ وطاب من أكل وشراب.
– المعلقات: ها هو سوق عكاظ بحجم الكون وزواره من كل جنس ولون. سأنشر على حائطي خواطري وأشعاري. وأبدي موقفي من كل ما يدور. من ثقب الأوزون لمحنة الإيغور.
– الرسائل: سأختار قولة لحكيم أو بيتا لشاعر عظيم. لن أذكر غريمي بالإسم. يكفي أن أنشرها على الملأ لتصله الرسالة وتغنيني عن المقالة.
الانتقام: ها ها ها. بعد اليوم لا “جيم” لمتشوراتك. ولا “جاضوغ” لصورك. أنسيت السلاح الذي بيدي؟ سأتجاهلك ولو كان ما قلته عين العقل وبديع الشكل.
الغزو: ما أن يأمرنا قائدنا حتى نوجه لك سهامنا ونسفه
ما تقول ونهجوك ونبلغ عنك عسس الفايسبوك حتى عن الغي تعود أو من الموقع تزول.
التخفي: ياااه ما عدنا في حاجة للثام يكثم الأنفاس. بنقرة أو إثنين أنشأ حسابا لا تعرف صاحبه. أستعمله حسب المقام. أتحرش في أمان وأسب بكتمان ولم لا أتحول لقرصان؟
بقلم الاستاذ المامون شفقي