جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

عيد العرش المجيد.. عيد لعقدين ثنائية الاستقرار والاستمرار

 

جورنال أنفو – فؤاد خادم

 

يحتفل الشعب المغربي قاطبة، يوم يوليوز الجاري، بذكرى عزيزة على قلوبهم ووجدانهم، ذكرى عيد العرش، ذكرى تربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين، والتي تصادف هذه السنة مرور عقدين من حكمه، ذكرى لا تختزل سنوات الحكم فقط بل تتعداها لتختزل أيضا سنوات من العمل الدؤوب المسترسل، المستمر بدون انقطاع.

سنوات من البدل والعطاء لبناء المملكة بكل دعائمها وركائزها، اتسمت على امتدادها بالوفاء والفخر والاعتزاز ، سنوات من الإشعاع تميزت بالإنجازات والمكتسبات بخطوات حاسمة حازمة ثابتة.

عيد العرش، عيد الالتحام بين ملك صادق وفي، وشعب كريم أبي، تبادلا الإخلاص والولاء، استمسكا بالعروة الوثقى، تتجدد بتقديم فروض البيعة وتجديد العهد وفق منظومة رمزية لمغرب تحدد معالم طريقه روح وفلسفة مستمدة من ماضيه التاريخي الحضاري العريق وحاضره المجيد ومستقبله الواعد.

هو عيد، وفرصة ، تشحد فيها الهمم ، وتجدد فيه العزائم ، لحظة تأمل ، ومناسبة وطنية غالية للوقوف على ما تم فعله ، وما ينتظر تفعيله.. إنها لحظة استحضار للخط الزمني للأحداث والوقائع الإصلاحية الكبرى الذي أضفى عليه جلالته طابع البراغماتية والفعالية، سواء من حيث الإصلاحات الدستورية والسياسية، أو من حيث الأوراش التنموية المهيكلة ، الاقتصادية والاجتماعية.

ذكرى تكتسي دلالات وتحمل إشارات كبرى ومعاني أكبر ذات أهداف ومقاصد نبيلة ، تتأزر فيها الوشائج وفق طقوس تراثية محفوظة ومرعية، جريا على العادات والتقاليد المغربية ذات الحمولة التاريخية الموازنة، تؤكد تشبت المغاربة بالثوابث الوطنية ، التي تشكل الدعامة والأساس للهوية الوطنية.

ذكرى عيد العرش المجيد توضح السياقات وتستعرض الرهانات ، ترسم فيها الأهداف والغايات ، توضع فيها الأجندات وفق رؤية استباقية استشرافية ، تستحضر الآفاق ، وتتوقع الحصيلة الإيجابية ولا تستبعد المعيقات والمعطلات وآثارها الفعلية والواقعية.. إنها ذكرى للتوجيه والاسترشاد، إنها محطة لظبط مسار الأحداث وتوجيه البوصلة، محطة لتسليط الضوء على الإنجازات الإصلاحية الكبرى التي أسست لدولة الثقة، جعلت من المملكة ورشا مفتوحا، عمت جميع الميادين وشملت جميع المجالات.

ماتحقق وماهو في الطريق، كانت له بداية وانطلاقة، زمن ولحظة لم يدخر فيها الملك محمد السادس جهدا، أمانة المسؤولية وسلامة القصد مع قوة شخصية جلالته الإصلاحية العاقلة الصبورة الحكيمة والرزينة، بنت مغربا بمقومات حداتية متطورة برفع السقف عاليا عن طريق فتح جيل جديد من الإصلاحات العميقة.

البدايات والإرهاصات الأولى للإصلاحات الكبرى، ظهرت جلية واضحة مباشرة حين تسلم الملك الشاب مقاليد الحكم، وانتقال العرش بسلاسة وليونة، لحظة تم التأكيد فيها على تجدر الملكية في عقول ووجدان المغاربة، وعززت استثنائية النمودج المغربي المتميز والفريد.. نمودج موسوم بروح الابتكار والخلق والإبداع، حيث كانت لحظة تقديم البيعة وماتجسده وتحمله تلك اللحظة الروحية المؤثرة من مشاعر جياشة  لحظة الانطلاقة الفعلية والرسمية لبداية دينامية الإصلاح، وضع جلالته بصمته ولمسته الخاصة على طقوس ومراسيم البيعة، سواء من حيث الشكل أو من حيث الطريقة وكذا من حيث الأشخاص والأطراف الموقعة على عقد البيعة.

وتوالت بشائر الإصلاح وكانت سريعة، اذ مباشرة بعد تحديث طقوس البيعة، كان نص الخطاب الذي ألقاه بالمناسبة حافلا بالإشارات والرموز، حدد فيه الملك فلسفته في إدارة الشأن العام وملامح المشروع المجتمعي المتشبت بنظام الملكية الدستورية والتعددية الحزبية والليبرالية الاقتصادية والسياسة الجهوية واللاتمركز ، وإقامة دولة الحق والقانون.

الطموحات الملكية المشروعة والآمال المرتقبة، رسمها الملك محمد السادس وحدد أولوياتها بأسلوب ومنهجية وطريقة فريدة، تختلف عن نهج سلفه المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، وإن التقيا في الهدف والغاية والمبتغى، فالهدف واحد هو العمل من أجل تقدم ورفاهية المغرب.
تقدم ورفاهية المغرب بمنهجية وأسلوب متجددتين وبعزيمة ملكية حاسمة وحازمة جريئة وشجاعة، بقوة اقتراحية، بدون شعارات جوفاء أو دعاية رخيصة، قوة اختراقية لعمق المشاكل الحقيقية والعميقة وفق نسق مدروس بفلسفة ذات حمولة ومضامين واثقة واعية ملمة، شملت جميع الميادين النابضة والحية في تكامل تام ومتلاءم، بين مسارين، مسار ديمقراطي ومسار تنموي، مسلسل متكامل ومندمج برؤية ثاقبة تم فتح العديد من الملفات العالقة والأوراش الإصلاحية المهيكلة، ساهمت في بناء مغرب حديث مكنته من تبوء المكانة المعتبرة التي تليق به، مغرب له مكانته وحظوته بين الأمم بفضلها أصبح منارة عالية مضيئة في العالم العربي والقارة الإفريقية.

هذه النجاحات لها عناوين كبيرة، وتقديم كشف حساب لها وجردها للوقوف على الحصيلة وأثارها الفعلية والواقعية ومدى ملاءمتها للأهداف والنتائج، أكيد أن كل ذلك يحتاج إلى تفصيل وتدقيق لكثرتها أولا ولتنوع مجالاتها ثانية، وسنحاول قدر الإمكان الإحاطة ولو بجزء يسير منها، الغاية تبقى استغلال ذكرى عيد العرش المجيد، لإبراز مسيرة عقدين من حكم ملك وازدهار مملكة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.