جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

الجزائر تحت وقع الحراك.. انحراف في متاهات اقتصادية خطيرة إلى حد الانهيار

 

جورنال أنفو – فؤاد خادم

 

مع تزايد قوة الحراك الشعبي في الجزائر واستمراره بوثيرة مسترسلة عموديا وأفقيا للجمعة السابعة والعشرين، حيث مازال الخلاف على الحوار وطريقته وشخصيته وبروز تفاعلات متسارعة دافعة لتأجيج الصراع، دخلت البلاد في حالة عدم اليقين السياسي، تندر بسنوات عجاف في ظل استمرار العجز المالي وتآكل احتياطات النقد الأجنبي وتهاوي قيمة العملة الوطنية – الدينار – وأصبحت معه جميع القطاعات الاقتصادية تعيش تعطلا شبه تام، أدى إلى خسائر كبيرة وأزمة اقتصادية حادة آخذة في التمدد والتفاقم.. قد تكون تداعياتها خطيرة في المستقبل المنظور ، حيث أصبحت الأوضاع الاقتصادية المقلقة هي محور الأزمة وتمثل أكبر التحديات ، فكلما تأخرت الجزائر في العودة إلى الشرعية الحقيقية كلما ضاعت فرص النجاة لديها.

الجزائر تحت وقع الحراك ، انحرفت في متاهات اقتصادية خطيرة إلى حد الانهيار ، فجميع المؤسسات البحثية والمالية تتقاطع مؤشراتها وتوقعاتها حول انكماش وعجز الاقتصاد الجزائري، راسمة ملامح سوداء خانقة، في ظل غياب استراتيجية واضحة من شأنها المحافظة على التوازنات سيما في الاقتصاد الكلي وميزان المدفوعات والميزان التجاري.. فالعجز متواصل ومستمر ومستفحل في مختلف الحسابات والسوق يعرف تأخرا في التموين، الأمر الذي أدى إلى ظهور ندرة في بعض المواد الأساسية مما أدى إلى اللجوء الى مخزون الأمان.

الجزائر قبل الحراك وبعده، لم تكن بيئة جاذبة للاستثمار وداعمة للأعمال، فالمستثمر المحلي والأجنبي لايمكن له أن يجازف باستثماراته في مناخ سياسي واجتماعي غير مستقر وغير شفاف، فالجزائر تعاني واحدا من أصعب بيئات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فالحالة الاقتصادية ظلت تشكو شحا في تدفق الاستثمارات، كما أن صدمات تقلبات أسعار النفط بحجمها واستمراريتها أثرت بشكل كببر في الاقتصاد، فبمجرد تهاوي الأسعار تتهاوى معه جميع المؤشرات الاقتصادية من حالة الفائض أو التوازن إلى حالة العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات والميزانية العامة، لتعري واقع الاقتصاد الجزائري الذي يتميز بالضعف والمحدودية والتبعية .

الحراك في الجزائر لم يخرج إلى الشارع إلا بعد أن يئس من مخططات المنظومة الحاكمة والمتحكمة في جميع المجالات والميادين، خاصة الميدان الاقتصادي، حيث كانت الأوضاع الاقتصادية القاسية، هي محور وجوهر الأزمة ومحركتها، فالأزمة الاقتصادية ترجع جدورها إلى السياسات الفاشلة منذ الاستقلال، سياسة تراكمية، طفيلية، ريعية استهلاكية غير منتجة تقودها طغمة من الجنرالات والأليغارشيين الفاسدين، كارتيل مالي أدخل البلاد في أجواء اقتصادية مشحونة تتميز بالضبابية والعشوائية، تسير بها وبوثيرة متسارعة نحو خسائر مالية قياسية، ستؤدي حتما إلى الكساد والإفلاس.. أوضاع اقتصادية تشكو ضعف التنافسية في غياب رافعات قوية للنمو.. فجل الحكومات المتعاقبة لم تأخد بعين الاعتبار بديهة أن أسعار النفط غير تابثة ولايمكن بتاتا الاعتماد عليها لبناء اقتصاد قوي ومتنوع ،فالهم الاول والاخير لصانعي القرار ظل ينهج سياسات اجتماعية سخية هدفها الوحيد كان هو شراء سلم اجتماعي داخلي وقبول دولي خارجي مصطنعين .

إلى حين استرجاع الدولة الجزائرية عافيتها، وانتهاء الأشكال السياسي الدي لا تظهر أية دلائل على انحصاره قريبا ، فان محادير انهيار الاقتصاد الجزائري قائمة ، وستظل الجزائر تواجه صعوبات لاحقا ، وأن أية حكومة قادمة مهما كان شكلها ولونها فانها حتما سترث قنبلة موقوتة أمام التحديات الاقتصادية الكبرى والمعقدة وجملة الاختلالات الهيكلية والبنيوية .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.