جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

محلل اقتصادي: “ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ ﺑﻴﻦ ﺗﺠﻤﻴﺪ ﺍﻟﻤﺪﺍﺧﻴﻞ ﻭ ﺗﻘﻠﺺ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻴﺔ”

أيمن زكرياء - محلل اقتصادي

 

إﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺍء ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ اﺳﺘﺪﻋﺎء ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻭﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺗﺤﺪﺩ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻭﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﻤﻲ ﻟﻠﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ ﺛﻢ ﺍﻟﻤﻴﺴﻮﺭ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻛﺎﻟﻤﻐﺮﺏ ، ﺑﺤﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ، ﻫﻨﺎﻙ ﻃﺒﻘﺔ ﻣﺴﻜﻴﻨﺔ ﻭﻃﺒﻘﺔ ﻣﻴﺴﻮﺭﺓ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ ﻓﺘﺴﻴﺮ ﻧﺤﻮ ﺍﻻﻧﺪﺛﺎﺭ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﻴﺶ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ“ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭﺍﻟﺴﻜﻦ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ.. إلخ”، ﺃﺟﻮﺭ ﻣﺠﻤﺪﺓ ﻭﻏﻼء ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ ﺃﺩﻯ إلى تقلص ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻴﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ.

ودق ﻋﺪﺩ ﻣﻦ المحللين الاقتصاديين مؤخرا ﻧﺎﻗﻮﺱ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﺣﻮﻝ ﺗﻘﻠﺺ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ، إذ حسب ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ، فإﻥ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ تمثل 15 فالمائة من مجموع ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺪﺧﻞ شهري قيمته 10.000ﺩﺭﻫﻢ، وهو ما ﻻ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻤﻨﺪﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻟﻠﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻃﺒﻘﺔ وسطى تناهز  58 فالمائة، محددة ﺩﺧﻠﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻓﻲ 3500 درهم.

من جهته، ﻛﺸف المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي أيضا من خلال ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺃﻋﺪﻫﺎ، أن ﺍﻟﻔﻘـﺮ ﻭﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻓـﻲ ﺻﻔـﻮﻑ ﺍﻟﺸـﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻔـﻮﺍﺭﻕ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺣﺪﻭﺩ  المقبولية، وبالتالي ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻣﻲ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﺑﺸﻜﻞ كبير ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ.

ﻛﻤﺎ ﻛﺸﻒ المجلس ﺍﻟﺴﺘﺎﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻭﺍﻹﻗﺼﺎء ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﺎﻭﻝ ﺑﻌﺾ ﻓﺌﺎﺕ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ، ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ أﻥ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ المقدمة ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺳﻮﺍء ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻭ ﻛﺬﺍ ﻗﻠﺔ ﻓﺮﺹ ﺍﻟﻌﻤﻞ، كلها ﺗﻤﻀﻬﺮﺍﺕ للأزمة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺑﺸﻜﻞ أو بآخر ﻭﻗﻮﺩ ﻣﺤﺮﻙ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ شهدتها ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺄﺳﺒﺎﺏ ﺍﺗﺴﺎﻉ ﺭﻗﻌﺔ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺮﺩﻫﺎ ﺃﺳﺒﺎبا ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ،  ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺿﻌﻒ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭ ﺍﻟﺼﺤﺔ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إلى ﻋﻮﺍﺋﻖ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺈﺻﻼﺡ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﻭ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻭﺭﺵ ﺍﻟﺠﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﺗﻌﺜﺮ ﺍﻟﺘﻔﻌﻴﻞ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﻭﻓﻖ ﻃﻤﻮﺡ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ.

ﺃﻳﻀﺎ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ إلى أن ﻓﺸﻞ ﺍﻟﻤﺨﻄﻄﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ، ﺳﺎﻫﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺑﺪﻳﻞ ﻟﻬﺎ، ﻭ ﻫﺬﺍ ﺩﻭﺭ اﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻱ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺣﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺠﻼﻟﺔ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ، ﻭ ﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﻭ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ، ﻣﻄﺎﻟﺒﻮﻥ ﺑﺘﻔﻌﻴﻞ ﺗﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﻄﺐ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻫﻴﻜﻠﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻭﻋﻤﻴﻘﺔ ﻟﻠﺒﺮﺍﻣﺞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، وذلك ﻟﻜﻲ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻮﺍﺯﻥ ﻳﻀﻤﻦ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ المعوزة لأن ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺗﻔﺮﺽ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﺭﺩ، ﻭﺗﺠﻤﻴﻌﻬﺎ وﺗﺪﺑﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﺗﺘﻮﺧﻰ ﺍﻻﺳﺘﻬﺪﺍﻑ ﺍﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﺴﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ، ﻭﺗﻀﻊ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺃﻭﻟﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺑﺎﻧﺖ اﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻭﻃﻨﻴﺎ ﻭﺩﻭﻟﻴﺎ

ﻋﻦ ﻧﺠﺎﻋﺘﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻴﺶ ﺗﻨﺎقضا صارخا،  لأن ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﻘﻮﻝ بأنها ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ، ﺃﻱ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﻭﺑﻤﺎ أن ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ ﻭﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ﺗﻌﻴﺶ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻀﻐﻮﻃﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻳﺼﺒﺢ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺑﻤﺎ
ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺮﻛﻮﺩ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ هذه ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ لأنها ﺍﻟﺸﺮﻳﺤﺔ ﺍﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺘﻘﻠﺺ ﻗﺪﺭﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﻣﺆﺩﻳﺎ إلى ﺗﻘﻠﺺ ﻗﺪﺭﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺩﺧﺎﺭ، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع ما
ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻴﺔ، ﻭ هذا ﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻣﺔ ﺍﻟﺒﻂء، إذ أن مجموعة ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ
ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﺭ الأﻭﺭﺍﺵ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺸﻐﻴﻞ ﻭ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ
ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ إلى آخره، ﻭ ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﻓﺌﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﺭ ﺍﻟﺜﺮﻭﺍﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، ﻭ هناك ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﻌﻴﺶ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻬﺸﺎﺷﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﻴﺔ ﻧﻘﻄﺘﻴﻦ ﺃﺳﺎﺳﻴﺘﻴﻦ ﻭﻳﺠﺐ أﻥ ﻧﺪﺭﻙ أنه أخطر ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻬﺪﺩ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ لأي ﺩﻭﻟﺔ ﻭ
لأي ﻣﺠﺘﻤﻊ، ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺼﻴﺐ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ لأنه
ﺻﻤﺎﻡ ﺍﻷﻣﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ.

ﻭﻟﻸﺳﻒ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻻﺣﻈﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ أنه ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ، ﻳﻤﺲ كثيرا ﻗﺪﺭﺓ ﻫذﻩ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﻋﻠﻰﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻭ ﻧﻼﺣﻆ ﺩﺍﺋﻤﺎ أنه ﻳﺘﻢ ﺣﻞ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ بحل ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ أكبر، والأخطر من ﻛﻞ هذا، أن مثل هذه ﺍﻟﻀﻐﻮﻃﺎﺕ ﺗﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ تمكين ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻹﻗﻼﻉ، لأن ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻟﺪﻳﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﻭ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ كي ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ. ﺇﺫﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺧﻠﻞ ﻣﺎ، ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺑﻨﻴﺎﺕ ﺗﺤﺘﻴﺔ ﻣﺘﻄﻮﺭﺓ، والدليل أن ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ في وقتنا الراهن أضحى ﻣﺘﻔﻮقا إفريقيا بل وأﺻﺒﺢ ﻳﻨﺎﻓﺲ الكبريات ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ، ﺭﺍﺋﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ.. ﻟﻜﻦ ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ
ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻨﻄﻠﻖ، ﻭ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﻫﻮ أن ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺍﺳﺘﺜﻤﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﺎﻋﺪﺍ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺃﺻﺒﺢ المغرب ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺴﺮﻋﺘﻴﻦ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺘﻴﻦ، لذا ﻳﺠﺐ أن ﻧﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎﺕ الاﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻨﻬﺠﻬﺎ ﻣﻨﺬ سنوات، وأن ﻧﺴﻌﻰ إلى ﺧﻠﻖ ﻃﺒﻘﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ، وأيضا ﺗﺸﺪ ﺍﻟﺮﺣﺎﻝ ﻟﺘﺪﻋﻢ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻳﺔ.

ﻳﺠﺐ أن ﻧﺪﺭﻙ أن ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ، ﻫﻮ في حد ذاته ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﻱ ﺑﻠﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ واﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ، كالزيادة ﻓﻲ ﺍﻷﺟﻮﺭ، التحسين ﻣﻦ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺆﺩﻱ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻀﺨﻢ، إذ هناك ﻧﻈﺮﻳﺘﻴﻦ، واحدة تقول إن ﺍﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺟﻮﺭ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ، ﻭ ﻫﻨﺎﻙ نظرية لا تتفق مع هذا الرأي، مؤكدة أن ﺍﻹﺑﻘﺎء على الأجور ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ، ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﺟﻴﻮﺏ ﺃﺭﺑﺎﺏ الشركات ﻻ ﻏﻴﺮ، لأن ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺘﻮﺟﻬﻮﻥ ﻧﺤﻮ ﻛﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﺼﻴﻦ ﻭ ﺩﻭﻝ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻴﺲ ﺑﻬﺪﻑ ﺍﻷﺟﻮﺭ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﺑﻞ لأن ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺟﻴﺪ، وبالتالي ﺇﺫﺍ ﺳﺎﻋﺪﻧﺎ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻋﻠﻰ تكوين خلفها تكوينا ﺟﻴﺪﺍ، ﻓﻘﺪ ﺿﻤﻨﺎ ﺇﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻴﻞ، ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻤﺎ ﻧﻮﺩ أﻥ ﻧﻌﺪﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﻮﺭ، ﻓﻴﺠﺐ أن ﺗﺘﻢ

ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻘﻼﻧﻲ، ﻭ أن ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﻭ ﻣﻮﺍﺯﻳﺔ ﻟﻤﺎ
ﻳﺤﻴﻂ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ ﻭ ﺿﻐﻮﻃﺎﺕ ﻳﻮﻣﻴﺔ.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.