حرب كورونا..العدوُّ “شبح ” والمقاتلون ملائكة..
بقلم الأستاذة : فوزية لهلال
إلى كل الأطر الصحية..
سلامٌ على من لن يكفيني فيهم سلام..
سلامٌ عليك وانتَ تحطُّ رحالكَ في ساحة الحرب، لمواجهة عدوّ “شبح “.. يتلوَّنُ بألف لون.. ويلبس ألف قناع.. ولا تلبسُ انت غير الواجب.. وإرادة الانتصار للإنسانية.. وقسما أدَّيتهُ أنَّكَ لن تجبُنَ يوما أو تخون…!
سلامٌ عليك وأنتَ تلبسُ مُعِدّاتَ الحماية من راسك حتَّى أخمص قدميك.. تتحرَّكُ وسطها بجسدٍ غارقٍ في عرقه.. بإرهاقك حين تطول ساعات جريك لتحاصر “الشَّبح” الذي أحكم استيطانه أجساد مرضاك.. بتعبك النَّفسي حين تودِّعُ مريضك في غير كلام…وتنتقل لتبدأ رحلة جري أخرى لإنقاذ مريضٍ آخر.. لا حقَّ لك في حدادٍ صرت تراه ترفا.. ولا في تقديم التَّعازي.. حين توالت الجنائز.. وصار الموت أقرب إليك وإلى مرضاك من حبل الوريد…!
سلامٌ عليكَ تسلِّمُ على أهلك وذويك عبر الشَّاشات.. وتكتشف وسط رائحة الموت كم تحبهم.. وتريدهم على قيد الحياة.. ترى وجوههم القريبة من نبضك تتلبَّسُ وجوه مرضاك.. فيتحوَّلُ كل مريضٍ إلى بعض أمك أو ابيك.. أو اخيك..او..او.. تحبس دمعتك.. وتواصل حربك في استماتة.. حينها يصير النصر خيارك الوحيد…!
سلامٌ عليكَ وانت تدخل بيتك كقنبلة موقوتة.. متخفِّيا لا تريد أن تقابل أحدا قبل أن تستحمَّ بعشرات الطُّرق.. ونفسك متعبة من لقاء الموت.. وخائفة من الفشل.. خائف أن تتحوّل بدورك من محارب “للشّبح” إلى خادمٍ له ذات خطأ في احترام معايير السلامة.. لأنك في ذروة الجري لإنقاذ مريضك…قد تنسى معايير سلامتك.. ليعيش هو…!
سلامٌ عليك.. انت اللي “كتتقاتل ” باش ميمشيش المريض من يدك…انتَ “الحربي ” بلغة المغاربة في أقسام الإنعاش والمستعجلات.. الّذي لا يضع سلاحه أبدا…!
انت الَّذي تخوض معركتك الآن وانت تعلم يقينا أنك قد لا تعود.. تدخل غرف الإنعاش وهذا المتخفي القاتل يُطوّقك في كل مكان.. في أجهزة التنفس.. الاسِرّة.. مقابض الأبواب.. الحيطان.. الارضيات.. ويُقيم في مرضاك..ولا تهرب أو تطلب النَّجدة ،انتَ فقط تقاتل..وتتقاتل لتحس بنشوة شفاء مريضك وانتصارك..نشوةٌ لن يفهمها غير العاملين بأقسام الإنعاش والمستعجلات..حين تستقبل مريضك غائبا عن الوعي..ويغادرك وفي عينيه نظرات امتنان..وفي قلبك الف فرحة..وزهو..!
سلامٌ على كل الأطقم الطبية عبر العالم…ينتصر عليهم “الشبح ” في حالات..يخطف مرضاهم ويلقيهم وليمة للموت بالمئات..يرون زملائهم يموتون في ارض المعركة يبكون قليلا..ويواصلون الحرب..انَّها الحرب التي لا يجوز فيها الاستسلام..مهما كان حجم الخسائر ..ستقاتل حتى النهاية..نهاية “الشبح ” أو نهايتك..لا خيارات أخرى امامك..!
سلامٌ عليك في بعض بقاع الأرض الآن..وانت تضطرُّ للفرز بين مرضاك..والاختيار ..حين تتضاءل المُعِدَّات أمام شبحٍ صار اشباحا..
وَضَعَكَ عدُوُّكَ اللا مرئي أمام خيار الفرز..وتقبيل الموت..فتبًّا له..!
سلامٌ عليك تعيد تصحيح المفاهيم.. واعادة الأمور إلى نصابها.. وانَّ الأمم لا تنجح بمغنيها ولاعبيها.. بل بعلمائها واطرها.. انت من بخسوا قدرك سابقا.. ولم يستثمروا فيك ولا في قطاعك.. أرِهُمْ تباثك وتضحيتك امام شبح أغلق أبواب البيوت…!
سلام على كل زملائي.. في المغرب.. في كندا.. وعبر العالم.. أولئك الَّذين لن يكفيني فيهم سلام ولا ألف عناق وامتنان في حربهم ضدَّ ” الشبح..