جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

عيوش : أنا مليونير ولست ملياردير

 

جورنال أنفو – بشرى بلعابد

 

بداية، نود التعرف على حياة نور الدين عيوش، طفولته، عائلته و مشواره الدراسي أيضا؟

ازددت بمدينة فاس منذ 70 سنة، وترعرعت في كنف عائلة منفتحة، عمادها الحداثة والفكر المتحرر والعمل على مساعدة الفقراء والمحتاجين. هذا المبدأ استلهمته أساسا من والدي بحكم أنه كان رئيسا لعدد من المؤسسات الخيرية، فكان يهتم بالفقراء كثيرا، كما كان يعتني بالأطفال والمعاقين.. أما والدتي، فكانت مثل “كيليوباترا” في تسريحة شعرها، وبالمناسبة أتذكر أنها كانت تخرج إلى الشارع متحررة من تقاليد ذلك العهد، تذهب إلى السينما مرتدية لباسا عصريا بدلا من النقاب والجلباب. طيبة ومتفهمة، تعشق الفن بامتياز. وأنا طفل صغير، كنت أسمعها باستمرار وهي تردد أغاني أم كلثوم واسمهان في البيت. كما أن زعماء حزب الاستقلال، كانوا يأتون إلينا  للاجتماع بوالدي بحكم أنه كان مناضلا معهم، إلى جانب الزعيم علال الفاسي “الله يرحمه”. ووسط هذا المشهد النضالي والجو الإنساني والحداثي، نشأت شخصية نور الدين عيوش، وهي شخصية تطورت بعد رحلة طويلة من الكفاح.

وماذا عن مشوارك الدراسي؟

لم يُكتب لي أن أحصل على شهادة البكالوريا في المغرب بسبب سفري المبكر إلى فرنسا، حيث تعلمت ومارست فن المسرح، و حصلت بعد خمس سنوات على شهادة الماستر أو الميتريز في شعبة السوسيولوجيا من جامعة “باريس8  فانسان” بسان دوني. حيث تأثرت بمحاضرات كان يلقيها مفكرين كبار، من بينهم الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو، والمفكر العالمي المصري سمير أمين، و المفكر الماركسي نيكوس بولانتزاس، إلى جانب الفيلسوف الشهير جان بول سارتر..وغيرهم، فتتلمذت على يد هؤلاء وتعلمت منهم دروسا مهمة في الحياة. كنت حقيقة محظوظا بهذه التجربة ، خصوصا أنني تخرجت من جامعة تعد بمثابة أول مدرسة عليا منفتحة على العالم، أسسها “إدكارفور”، الرئيس السابق للحكومة الفرنسية في ستينيات القرن الماضي.

قلت إنك مارست فن المسرح، فهل تذخر أعمالا معينة في هذا المجال؟

لدي أعمال كثيرة، فبعد حصولي على دبلوم من جامعة “مسرح الأمم” بباريس، وأيضا من معهد السوربون للمسرح، بدأت أقوم مباشرة بإخراج عدد من المسرحيات، من بينها مسرحيتي “ليطا دوسييج” و “مالونطوندو”، لصاحبها “ألبير كامو “.. إلى جانب مسرحية بعنوان “الشعب العربي” والتي تم عرضها في مسرح أليونس بباريس.

هل كنت تحلم إذن أن تصبح عميدا للمسرح؟

فعلا هذا ما كنت أحلم به، لكن تغيرت الأمور فيما بعد وأصبح لدي اتجاها آخر بعد دخولي إلى المغرب.

يقولون إنك كنت مشاغبا ومن بين الشباب الذين أشعلوا  فتيل الإضرابات في شوارع فرنسا، هل هذا صحيح؟

“يضحك”، نعم هذا صحيح، كان ذلك سنة 1968، لم يكن شغبا وإنما نضالا للدفاع عن الانفتاح والديمقراطية في ذلك العهد، فكنت بين المحتجين الذين قاموا بالإضرابات، إلى جانب الفيلسوف الشهير جان بول سارتر وعدد من البروليتاليين “العمال”، لقد عشت حقا مرحلة مهمة ، وأتذكر هنا أنني اقتحمت مسرح “لوديون” بباريس، لإخراج المسرحي العالمي  ” جان لوي بارو” للمشاركة في هذا النضال،  فقال لي “خليوني فحالي.. أنا معاكم”.

ولماذا قمتم بهذه الثورة؟

لأن الشباب الفرنسيين آنذاك كانوا يريدون جمهورية ديمقراطية لفرنسا، أساسها المساواة والحداثة والانفتاح، فكنت بين هؤلاء الشباب المطالبين بذلك.

أصبحت من كبار رجال الأعمال في المغرب، هل الحظ وراء ذلك، أم أن لعائلتك دورا في إيصالك لهذا المستوى؟

أعترف بأنني كنت محظوظا على أكثر من صعيد، لكنني بالمقابل كنت أرفض أن يدعمني والدي، لاقتناعي بمبدأ الاعتماد على النفس، فحين كنت في فرنسا، كان يرسل لي 200 درهم شهريا، وهو مبلغ بسيط جدا، يعادل 1000 درهم في وقتنا الحالي.

وماذا فعلت؟

اشتغلت عاملا للنظافة، و في محل لغسل الموتى، كما اشتغلت ساعيا للبريد، وفي المخبزة، وفي المجزرة وفي عدد من المعامل والمصانع بفرنسا، فليس هناك مجالا إلا وعملت فيه دون كلل، وقد كان ذلك تزامنا مع دراستي التي تطلبت مني توفير مصاريف كثيرة، بالمقابل كنت أقدم دروسا مجانية باللغة الفرنسية للمغاربة العاملين بفرنسا.

بعد عودتك إلى المغرب، هل صحيح أنك طُردت من العمل بوكالة فرنسية للإشهار بسبب فكرك الشيوعي؟

لا ليس صحيحا، كنت أنا من انسحبت بعدما قررت إنشاء وكالة خاصة بي، وهي وكالة شمس  للإشهار سنة 1972، قبل ذلك وبعد عودتي إلى المغرب، كان أول شيء أرد أن أحققه هو أن أصبح أستاذا في الكلية، غير أنني تأخرت عن موعد اجتياز المباراة، فحدث أن اتصل بي مسؤولو “هافانا”، وكانت هي أول وكالة إشهارية في المغرب،  فاقتنع بي مدير الوكالة وأُعجب بي كثيرا، ومنحني آنذاك أجرا شهريا عاليا قيمته 5 آلاف درهما، أي ما يعادل 5 ملايين سنتيم في وقتنا الحالي، فكنت أول مغربي يشتغل بهذه الوكالة الفرنسية. عملت بها لمدة سنة، لكن سرعان ما قررت أن أستقل بنفسي وأن أؤسس وكالة خاصة بي، وهي وكالة شمس التي تعد حاليا أكبر وكالة إشهار في المغرب.

وكيف أسست جمعية “زاكورة” للقروض الصغرى؟

قبل ذلك كنت أطمح أن أصبح أكبر بنكي في المغرب، فانتابتني فكرة تأسيس بنك للفقراء، فأسست جمعية “زاكورة” للقروض الصغرى من مالي الخاص” سنة 1997 بهدف غير ربحي،  وفي  سنة 2008 وصل عدد المستفيدين بها إلى400 ألف زبون. هاته المؤسسة أنجزت ما يعادل 420 مدرسة في العالم القروي، و أكثر من 120 بيت للدوار، ويبقى الهدف منها دعم الفقراء والمحتاجين لبناء مشاريعهم المستقبلية.

بعد أن أصبحت رجل أعمال مشهور، كم هو حجم ثروة نور الدين عيوش؟

“يضحك”، لا أعلم حجم ثروتي.

هذا يعني أنك مليونير أم ملياردير؟

أنا مليونير ولست ميلياردير.. ما قمت به من مشاريع كمؤسسة زاكورة، حققت الكثير من المليارات لصالح المجتمع طبعا وليس لصالحي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.