مسلمو فرنسا.. رمضان آخر بطعم الحجر الصحي
ادريس تكي ومع
يبدأ مسلمو فرنسا، الذي أضحوا محرومين من وجبات الإفطار الجماعي، والتجمعات بعد الإفطار وأداء صلاة التراويح جماعة في المساجد أو قاعات الصلاة، شهر رمضان المبارك في ظل الحجر الصحي للعام الثاني على التوالي.
وعلى غرار العام السابق، يتزامن الشهر الفضيل مع الحجر الصحي الثالث، الذي أقرته السلطات في 3 أبريل الجاري لما لا يقل عن أربعة أسابيع، سعيا إلى الحد من تفشي فيروس “كورونا” في البلاد، حيث يقترب عدد الوفيات من عتبة 100 ألف حالة.
ويضع الحجر الصحي، الذي ينضاف إلى حظر التجول المعتمد ما بين الساعة السابعة مساء والسادسة صباحا، حدا للخرجات المسائية مشيا على الأقدام، والوجبات الجماعية بين الأسر والأصدقاء في انتظار السحور.
وإذا كان الحجر الصحي يسمح بالسفر في دائرة نصف قطرها 10 كيلومترات من المنزل، ما يسمح نظريا بتبادل الزيارات خلال النهار، في سياق احترام القيود المفروضة من طرف السلطات، فإن حظر التجول الليلي يجعل من المستحيل أداء صلاتي العشاء والتراويح في المساجد وقاعات الصلاة.
كما أن حظر التجول يضع حدا للوجبات الجماعية مع العائلات أو الأصدقاء، والتجوال المسائي، والتي تعد أنشطة تتخلل الشهر المبارك وتميزه عن ما عداه من الأشهر.
وفي مواجهة وضع من هذا القبيل، والذي ليس غير مسبوق بالنسبة لمسلمي فرنسا، ليس لدى المؤمنين خيار آخر سوى الامتثال لتوصيات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، المخاطب الرئيسي للسلطات العمومية في ما يتعلق بشؤون الدين الإسلامي، وكذا القواعد التي تمليها السلطات الصحية من أجل التعامل مع التصاعد المقلق للوباء.
وفي هذا السياق، دعا المجلس، من خلال بلاغ صحفي، المجالس الجهوية والمديرية للدين الإسلامي وكذا القيمين على المساجد إلى ضمان مراعاة سلسلة من الإجراءات، بما في ذلك احترام مسافة التباعد الاجتماعي والعادات الحاجزة الواقية، إلى جانب حصر الوجبات العائلية وبين الأصدقاء بشكل صارم على أفراد الأسرة الذين يعيشون تحت سقف واحد.
واعتبارا لمواقيت حظر التجول، شدد المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على أن صلاتي النهار (الظهر والعصر) يمكن إقامتها في المساجد، أما بالنسبة لصلاة الجمعة، فقد دعا المجلس المساجد التي لا تمتلك القدرة على استقبال مجموع المؤمنين في ظل احترام التدابير الصحية المعمول بها، إلى تعليقها بشكل مؤقت.
ومن يتحدث عن رمضان يتحدث عن الكرم والتضامن مع الأشخاص المحتاجين والأكثر عوزا، لاسيما في أعقاب الوباء الذي خيم شبحه على الآلاف من الأسر ذات الدخل المنخفض.
وكما هو الحال في أي مكان آخر، فإن المسلمين في فرنسا ليسوا استثناء من القاعدة، عبر جعل هذا الشهر الكريم فترة تعبئة لفائدة الفقراء من جميع الأديان، لاسيما من خلال مبادرات تضامنية تهم جمع وتوزيع الأغذية ووجبات الإفطار والمساعدات المادية.
وبفضل شبكة جمعوية نشيطة للغاية ومتمرسة وواسعة النطاق تغطي مجموع التراب الفرنسي، تتكاثر المبادرات خلال شهر رمضان، ما يعكس الأهمية الروحية والاجتماعية الكاملة للشهر الأبرك.
وفي هذا السياق، دعا المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية المؤمنين إلى إحياء هذه الروح، مثل العام الماضي، من خلال توزيع وجبات وطرود غذائية وغير ذلك من أشكال التضامن مع إخوانهم الذين يواجهون صعوبات، بغض النظر عن معتقدهم الديني.
ولأن رمضان هو أيضا شهر التأمل والأمل، يفضل المسلمون في فرنسا أن يكونوا متفائلين، بينما يرفعون أكفهم إلى العلي القدير بأن يتحسن الوضع الصحي في الأسابيع المقبلة.