التعديلات الأخيرة لقانون الشغل في قطر تخلف ارتياحا كبيرا
خلفت التعديلات الأخيرة التي اعتمدتها قطر في قانون الشغل،ودخلت حيز التنفيذ،في سبيل تحسين ظروف عيش العمالة لديها،ارتياحا كبيرا وسط العمال،ولدى عدد من الهيئات الدولية،خاصة ما تعلق منها بالحد الأدنى الغير التمييزي للأجور.
وسيستفيد من التعديلات أزيد من 400 ألف عامل في مختلف القطاعات،بمن فيهم المساعدات في البيوت، إذ يوفر المزيد من الحماية القانونية للعمال ، والمزيد من الاستقرار لسوق الشغل في البلاد .
وتأتي التعديلات في وقت تشهد فيه قطر استعدادات كبرى لاحتضان بطولة كأس العالم لكرة القدم (فيفا 2022 ) ، حيث وفد إليها ، منذ انطلاق بناء الملاعب،أكثر من 30 ألف عامل، لتتمكن من إنجاز المشاريع في الوقت المحدد لها وتفي بالتزاماتها تجاه الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”.
وتنص التعديلات التي أصبحت سارية المفعول منذ الأسبوع الأخير من مارس الماضي،على أن يستفيد العمال من أجر شهري لا يقل عن ألف ريال قطري (أي ما يعادل 275 دولارا) ، على أساس أن يشمل العقد المبرم بين صاحب العمل والعامل ، تعويضا إضافيا خاصا بمصاريف السكن والمأكل، لا تقل عن 500 و300 ريال قطري على التوالي ، إذا لم يوفرهما رب العمل بشكل مباشر و بالشروط الملائمة .
كما ينص قانون الشغل في صيغته الجديدة على احتساب مكافأة نهاية الخدمة على أساس الحد الأدنى الجديد للأجور ، فيما لا يجوز لأرباب العمل ،من جهة أخرى ، خفض أجور العمال بالاستناد للقانون الجديد كمبرر لذلك.
وبادرت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، إلى ترجمة هذا النص القانوني إلى كل اللغات الأصلية للعمال، للاطلاع عليه ، وعلى الامتيازات التي يوفرها ، مع وضع “نظام حماية الأجور” . هذا النظام إلكتروني رقابي يرصد ويوثق عمليات دفع الأجور بانتظام ، وفي المواعيد المحددة طبقا للقواعد التي ينص عليها قانون الشغل.
وتمكن التعديلات،من جهة أخرى،الطرف المشغل،من شركات ومؤسسات،من توظيف عمالة محلية تكون قد استوفت مدة عقد عمل سابق ، وتستجيب لحاجياتها،مما سيقلل مستقبلا من تكاليف الانتقال وأيضا من المخاطر التي قد تتسبب فيها عمليات التوظيف عبر الحدود.
وقامت قطر بهذه الخطوات،التي أحدثت تغييرات أساسية في سوق الشغل المحلية،بتعاون مع منظمة العمل الدولية،وبتشاور مع خبراء وطنيين ودوليين،متخصصين في قانون الشغل،ومجموعة كبيرة من العمال،وأرباب العمل في مختلف القطاعات .
وأصدرت ، في هذا السياق،منظمة العمل،عبر مكتبها الاقليمي،بيانا أكدت فيه أن القرار ” جعل قطر،الدولة الأولى في المنطقة التي تطبق حدا أدنى غير تمييزي للأجور”، واعتبرته “مبادرة تاريخية (…) ستجعل قطر وجهة أكثر جاذبية ليس فقط للمواهب والكفاءات ، ولكن أيضا للاستثمارات العالمية “.
وذكرت أن القرار يضاف إلى الإصلاحات الخاصة ب”نظام الكفالة” ، الذي أعفى العاملين من الحصول على تصريح لمغادرة البلاد ، أو الحصول على شهادة تثبت الموافقة على تغيير الوظيفة.
من جانبها ، رحبت جمعيات حقوقية ، وهيئات تابعة للأمم المتحدة،بهذه التعديلات التي تعتبرها “خطوة رائدة في سوق الشغل بمنطقة الخليج” . فقالت ، في هذا السياق ، رئيسة بعثة الأمم المتحدة للهجرة لدى قطر، إيمان يونس عريقات، في تصريح لها ، إن دخول القرار حيز التنفيذ ” إنجاز إضافي يحسب لقطر”، معربة عن الأمل في اعتماد المزيد من الخطوات.
وتتطلع قطر إلى أن تساهم الاصلاحات التي تهم كل العمال بغض النظر عن جنسيتهم أو القطاع الذي يعملون فيه،وحماية حقوقهم وحقوق أرباب العمل على حد سواء ، إلى جعل القوى العاملة في البلاد أكثر مهارة وإنتاجية.
وقد أعلن مكتب الاتصال الحكومي،في سياق الاصلاحات،عن إنشاء 20 مركزا لتأشيرات قطر في كل من الهند،وسريلانكا،وإندونيسيا،ونيبال، وبنغلاديش،وباكستان،والفلبين،وتونس،مما سيعجل من عملية التوظيف وضمان عدم استغلال العمال في بلدهم الأم ، وإنشاء صندوق لدعمهم وضمان رعاية وبيئة عمل صحية وآمنة لهم، وإحداث خط ساخن على مدار اليوم وطيلة أيام الأسبوع لفائدتهم.
كما تتوخى من هذه القوانين الجديدة التي اعتمدتها في غشت الماضي والمندرجة ضمن أجندة اصلاح سوق الشغل ، الانتقال نحو اقتصاد قائم على المعرفة الذي تضمنته رؤية قطر 2030 .