عدالة الأحداث بين التجريد والتجسيد موضوع ندوة جهوية بالعاصمة الاقتصادية
جورنال أنفو - البيضاء
التأم مجموعة من المتدخلين في مجال عدالة الأحداث، أمس الثلاثاء 7 يناير بالدار البيضاء، ضمن ندوة جهوية من أجل تشخيص نقط القوة والضعف في التعاطي مع هذه العدالة، التي تهم الأطفال والقاصرين، بغية البناء على المكتسبات والجوانب الإيجابية، وتدارك مكامن القصور ومعالجتها.
وتضع هذه الندوة، المنظمة في موضوع “عدالة الأحداث بين التجريد والتجسيد “، بمبادرة من مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء بشراكة مع هيئة المحامين بالدار البيضاء، نصب أعينها، التفكير في تعزيز العمل المشترك من أجل ضمان الحماية اللازمة للأحداث، الذين يوجدون في نزاع مع القانون في ضوء القوانين الوطنية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
وأبرز مختلف المتدخلين الدور الأساسي والمحوري لهيئة الدفاع في مجال عدالة الأحداث، والذي ينطلق مع الحدث منذ اتصاله الأولي مع منظومة العدالة، ليستمر معه مع استمرار الدعوى العمومية .
وفي هذا الصدد، اعتبر منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء عبد الواحد جمالي الإدريسي، في كلمة له خلال افتتاح الندوة، أن ” الصورة إيجابية جدا “، بخصوص الاهتمام بالطفل في عدالة الأحداث بالمغرب، موضحا أن العمل “جبار ومتلاحق ” وموصول من القائمين على السلطة القضائية والعديد من المتدخلين في منظومة عدالة الأحداث.
وفي سياق متصل، لفت إلى أن ما هو مطروح حاليا هو تجاوز المفارقة بين ما هو قانوني وما هو واقعي، باستيعاب الفلسفات والأسس النظرية والعلمية التي تقوم عليها النصوص القانونية الوطنية والدولية، وامتلاك النموذج المعرفي الذي يؤطرها أو يحدد آفاقها ومناهجها وطرق تطبيقها.
وذكر، في هذا الإطار، بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، بعد تفقده نهاية سنة 2001 جناح الأحداث بسجن عكاشة بالدار البيضاء ، قام جلالته بتأسيس مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء بداية يناير 2002 ، مشيرا إلى أن أنشطة المؤسسة تروم أنسنة الفضاء السجني ومراكز إيداع الأطفال، وتعزيز قيم المواطنة وحقوق الانسان بما يحول دون ارتكاب الجرائم والعود اليها، وذلك من خلال برنامج مندمج غايته حفظ كرامة وإنسانية الانسان .
من جهته، أبرز نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء الأستاذ حسن بيروين ، أن المغرب راكم تجربة نموذجية وفريدة في رعاية وإعادة إدماج السجناء السابقين منهم الأطفال ، مشيرا إلى أن هناك سعيا لتعميم هذه التجربة على المستوى العربي .
وسجل أنه رغم المجهودات المبذولة وطنيا في التعاطي مع عدالة الأحداث، فإن هناك عدة معيقات تحول دون وصول المبتغى، منها ضعف التنسيق بين مختلف المتدخلين، ومحدودية الإمكانيات المادية والبشرية والتربوية الموضوعة رهن إشارة مؤسسات الإدماج .
فيما شدد رئيس جمعية هيئة المحامين بالمغرب الأستاذ عمر ودرا ، على ضرورة تضافر جهود مختلف المتدخلين، من مدرسة وأسر وقضاء وجمعيات وغيرها، من أجل توفير الحماية اللازمة للأحداث خلال مراحل التقاضي.
وقال إن المشرع المغربي سعى إلى الاقتباس من الصكوك والاتفاقيات والقواعد الدولية، لأن الأمر يتعلق بمستقبل البلاد، الذي يمثله الأطفال ، مضيفا أن المملكة المغربية صادقت على العديد من الصكوك والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الطفل أو ذات صلة بها ، فعمد المشرع إلى ملاءمة تشريعاته الوطنية وفق مضامينها .
وفي الاتجاه ذاته، ألحت ممثلة منظمة الام المتحدة للطفولة (اليونسيف) بالمغرب السيدة جيوفانا باربوريس، على ضرورة اعتماد التخصص في التعاطي مع الأحداث الذين يوجدون في نزاع مع القانون، وذلك من خلال تكوين مجموعة من المحامين حتى يكونوا على دراية تامة بحاجيات هؤلاء الأحداث .وتابعت أن تخصيص محامين محددين للدفاع عن الأحداث يسهل عملية حمايتهم خلال مراحل التقاضي، وهو ما يضمن كرامتهم وحمايتهم من كل المؤثرات التي قد تعوق عملية إدماجهم لاحقا . ويشمل برنامج الجلسات، التي عقدت في إطار هذه الندوة، عدة مداخلات تهم مؤازرة المحامي في عدالة الأحداث بين الالتزام القانوني والواجب الأخلاقي، والعقوبة في عدالة الأحداث بين الأصل والاستثناء، ودور المحامي في ضمان حماية الحدث وإنقاذه .