جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

الدخول المدرسي.. كابوس يخيم على الأسر المغربية بعد عيد الأضحى

 

ونحن على أبواب الدخول المدرسي، تستعد الأسر المغربية لشراء الكتب واللوازم الدراسية، مما يشكل كابوسا حقيقيا لدى المغاربة من ذوي الدخل المحدود أو المتوسط، خاصة أنه يأتي في شهر يتسم بمصاريفه العديدة، لاسيما أن الدخول المدرسي لهذه السنة يأتي مباشرة بعد عيد الأضحى والعطلة الصيفية مما يؤرق كاهل معظم العائلات.

وعبر عدد من أرباب الأسر المغربية ممن لهم أبناء متمدرسون، عن معاناتهم لتوفير مصاريف الكتب المدرسية، وواجبات الانخراط والتأمين بالنسبة للآباء للذين يدرسون أبناءهم في المدارس الخصوصية، خاصة أن الموسم الدراسي هذه السنة، يأتي مباشرة بعد أسبوعين من الصراع لشراء أضاحي العيد، وقبلهما العطلة الصيفية التي بات من الضروري على الأسر توفيرها لأبنائهم لاستئناف دراستهم بشكل جيد.

 

كيف تدبر الأسر مصاريف الدخول المدرسي ؟

يجمع أولياء الأمور، على غلاء الكتب والمناهج الدراسية ومستلزمات الدخول المدرسي من حقائب ووزرات، مما يلهب جيوبهم، خاصة في ظل التغييرات التي تعرفها بعض المناهج مع بداية كل موسم دراسي جديد. كما يشتكي الآباء ممن اختاروا المدارس الخاصة لأسباب متعددة، من التهاب أسعار الكتب الأجنبية ونذرتها في كثير من الأحيان.

مصطفى، أب لثلاثة أبناء، موظف في إحدى الشركات الخاصة، يحكي في حديثه مع “جورنال أنفو” إن دخله لا يتعدى 9000 آلاف درهم شهريا، الأجر الذي لا يمكنه من تسديد كل حاجياته، ليبقى الحل الوحيد أمامه في كل سنة، هو القروض الصغرى التي يأخذها مع بداية كل موسم صيفي ويسددها على طول السنة ليستطيع تأمين مستلزمات أقسى شهور السنة من حيث المصاريف.

وفي هذا الإطار، يرتفع الإقبال مع بداية كل موسم دراسي على القروض الصغرى، خاصة أن الدخول في السنوات الأخيرة بات يتزامن مع مختلف المناسبات والأعياد، لدى أصبح المغاربة بشكل كبير إلى القروض الاستهلاكية لخلق توازن بين أجورهم وحاجياتهم، خاصة مصاريف الدخول المدرسي التي ترهق جيوب المواطنين بشكل كبير، كلما ارتفع عدد الأبناء.

من جهتها، تسارع مؤسسات القروض الصغرى، إلى خلق عروض، بأقساط بسيطة، حسب المداخيل المتوسطة والضعيفة للفئة التي تقصد هذه المؤسسة بهدف الاستفادة من قروضها، وعلما منها بارتفاع الطلب عليها مما يدر عليها دخلا مهما.

أما هشام، أب لطفلين، فيفضل الإدخار كما هو حال العديد من الآباء، سواء الإدخار البنكي حيث يحاولون اقتطاع مبالغ مالية محددة في كل شهر تحسبا لمصاريف الأعياد والعطل والدخول المدرسي، أو طرق الإدخار التقليدية بين أصدقاء العمل أو الجيران، حيث يفضل هذا النوع من العائلات الحد من المصاريف، وتوفير المال لسد حاجياتهم في المناسبة المتتالية، أو التي يمكن أن تشكل عجزا بالنسبة لهم إن لم يتوفروا على ما يسددون به هذه الحاجيات.

في حين تفضل أمينة أم لأربعة أطفال، ادخار أجرتها الشهرية الخاصة، أربعة أشهر قبل بداية كل عطلة صيفية، بهدف تخصيصها للعطلة الصيفية والأعياد والدخول المدرسي، حيث تفضل المدارس الخاصة لتدريس أبنائها، مما يجعل المصاريف تتزايد بعد كل عطلة صيف، وتقتصر على دخل زوجها للعيش، من أجل توفير حاجيات الأبناء دون مشاكل مالية تحتسب أو تشكل خللا بالنسبة لها ولزوجها.

وحسب تقرير سابق للمندوبية السامية للتخطيط فقدت بلغت نسبة القروض الاستهلاكية 31.3 في المائة، في حين فضل 60,4 في المئة من الأسر الاقتصار على دخلها أو الاعتمام على الإدخار. فيما أفادت بعض الدراسات الأخرى، أن معدل مديونية الأفراد المستفيدين من قروض استهلاك، تجاوز عددهم 40 في المئة، بحوالي 300 مليار درهم.

وأضافت المندوبية السامية للتخطيط، أن 58,2 في المائة من الأسر المغربية خلال الفصل الثاني من سنة 2017 من اعتمدت على مداخيلها لتلبية حاجياتها، فيما لم يتجاوز معدل الأسر التي تمكنت من اعتماد مدخراتها 8,2 في المائة، في حين اعتمدت 33,6 % من العائلات على إلى الاقتراض، فيما لم يتجاوز معدل الأسر التي تمكنت من اعتماد مدخراتها 8,2 في المائة.

 

الكتب المستعملة ملاذ العائلات لمواجهة مصاريف الدخول المدرسي

 

في ظل هذا الغلاء الذي تعرفه الكتب والمناهج المدرسية، والمصاريف المتفاقمة، أصبح عدد كبير من العائلات، يفضلون الكتب القديمة والمستعملة، لكي يمر الدخول المدرسي بأقل الأضرار، حيث يظل ثمنها معقولا مقارنة بالكتب الجديدة، إذ يشترونها بنصف ثمنها، إن لم يستبدلوها بكتب المواسم الدراسية السباقة.

ويشتكي أولياء أمور تلاميذ المدارس الخاصة، من غلاء الكراسات، حيث يتجاوز ثمن بعضها 300 درهم للكتاب الواحد، مما يجعلهم يقصدون بائعي الكتب المستعملة رغم نذرتها، إن لم تتغير بعضها مع بداية كل موسم دراسي جديد.

وحسب عمر، بائع كتب مستعملة بحي البحيرة وسط المدينة القديمة للدار البيضاء، فقد أصبحت معظم الأسر المغربية، من ذوي الدخل المحدود أو المتوسط، تفضل الكتب القديمة، حيث يستبدلون كتب المستويات الدراسية السابقة بكتب المواسم الجديدة.

وبخصوص أثمنة هذه الكتب، يقول عمر أن الأمر يبقى في يد البائع، إلا أنه على العموم يظل مقبولا ومناسبا لجيوب المواطنين، مقارنة بأثمنة الكتب المستعملة، مضيفا أن الأمر في السابق كان يقتصر على الفقراء والطبقة الهشة، لكنه أصبح أمرا محبذا لدى مختلف الطبقات الاجتماعية في الوقت الراهن.

أمينة، تفضل شراء الكتب المستعملة لأبنائها الخمسة، حيث أن دخلها إضافة إلى دخل زوجها، لا يمكنونها من شراء كتب جديدة، فتستبدل كتبهم القديمة بكتب جديدة، مع مبلغ إضافي بخس مقارنة مع الكتب الجديدة.

أما خالد أب لثلاثة أبناء، فيقول إنه يشتري الكتب القديمة، رغم أنها لا تشجع التلاميذ على الدراسة، لكونها مهترئة وتحتوي على حلول للتمارين مما يشجع الطالب على الكسل أو يخلق لديه نوعا من التغليط.

 

جمعية حماية المستهلك تعتبر المواطن المغربي صبورا في ظل كل هذه المصاريف

 

في اتصال مع بوعزة الخراطي، رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك بالقنيطرة، اعتبر أن المواطن المغربي جد صبور ومقاوم، في ظل كل المصاريف التي تثقل كاهله، إضافة إلى الزيادات التي تعرفها كل المواد والخدمات، خاصة عندما يتزامن الدخول المدرسي مع عدة مناسبات أخرى، مما يدفعهم إلى الإفلاس.

وأضاف المتحدث ذاته، أن القطاع الخاص، يهلك جيوب المواطنين، حيث يجد الأب نفسه أمام مجموعة من الوجبات، من الانخراط والتأمين إلى الكتب المدرسية الباهظة الثمن، حيث يصل إلى ما يناهز 5000 درهم للابن الواحد، إضافة إلى الزيادات التي ترتفع حسب المستويات الدراسية.

وعبر رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك، متحدثا باسم الآباء، عن استياءه مما تقوم به بعض المدارس الخاصة، من ابتزاز لأولياء التلاميذ، حيث يرغمونهم على شراء الكتب من مكتبات معينة، معتبرا أنهم بكل ذلك يمصون دماء المواطنين.

وللحد من معاناة الأسر المغربية، قال بوعزة الخراطي إن المواطن المغربي يؤدي الضرائب سنويا للدولة، لدى من واجب المسؤولين، النهوض بالقطاع وتوفير تعليم عمومي جيد ومجاني للجميع، كي لا تضطر الأسر إلى تدريس أبنائها في المؤسسات الخاصة التي تستنزف أكثر من نصف دخلها.

 

الأخصائيون الاقتصاديون: الأجور لا تواجه المصاريف.

 

يعتبر الخبير الاقتصادي عبد الخالق التهامي في تصريح لـ “جورنال أنفو” أن تزامن وتراكم المناسبات ذات المصاريف الكبيرة، بات مشكلا حقيقيا يؤرق المواطن المغربي، في ظل انخفاض الأجور، حيث أن مداخيل العائلات لم تعد تواجه مصاريفها وتأمن كل حاجياتها، لتتجه إلى حلول بديلة، تكون جميعها غير مناسبة لهم في غالبية الأحيان، إذ تتوجه عدد من الأسر إلى السماح في إحدى المناسبات كالعطلة الصيفية أو الأعياد الدينية، أو تلجأ في أغلب الأحيان إلى المؤسسات البنكية، من أجل الاستفادة من قروض صغرى أو متوسطة، تمكنهم من سد كل حاجياتهم، إلا أنهم يدخلون بعد طلك في دوامة غير منتهية من الائتمانات، حيث يجدون أنفسهم أمام قرض جديد، بعد نهاية كل سنة، مما يؤثر سلبا على استمانتهم، ويؤدي بهم إلى مشاكل أسرية مختلفة.

لكن الخبير الاقتصادي، يعتبر أن القروض الصغرى رغم كل ما تخلف من أضرار، تضل من الحلول الأنسب أمام الغلاء المعيشي وارتفاع المصاريف، وأقلها ضررا، مؤكدا أنه إذا لم توفر المؤسسات البنكية مساعدات للفئات الصغرى والمتوسطة من المجتمع المغربي، سيضطرون للاقتراض من بعضهم، مما سيتسبب في مشاكل أكبر من المتوقع.

وكحلول لمساعدة هؤلاء الأسر، يرى الخبير الاقتصادي، أنه يجب على الدولة مراقبة أسعار الكتب المدرسية، وعلى جمعيات آباء وأولياء تلاميذ المؤسسات الخاصة، التدخل للحد من جشع هذه الأخيرة فيما يخص مصاريف التسجيل والكتب التي تفرضها.

 

يذكر أن وزارة التعليم قررت الشروع في استقبال التلاميذ هذه السنة في السابع من الشهر الجاري في مختلف المدارس الوطنية، ومن المقرر أن يستأنف ازيد من 7 ملايين تلميذ وتلميذة دراستهم الخميس 7 شتنبر، بالقطاعين العمومي والخاص يدرسون في 10الاف و833 مؤسسة تعليمية يؤطرهم 213 ألف و199رجل تعليم منهم 113 الاف في التعليم الابتدائي.

كما حددت يوم الأربعاء 6 شتنبر 2017 كموعد لالتحاق أطر وموظفي الإدارة التربوية وهيئات التفتيش والأطر المكلفة بتسيير المصالح المادية والمالية وهيئة التوجيه والتخطيط التربوي وهيئة الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي والأطر الإدارية المشتركة بجميع درجاتهم بمقرات عملهم.

هذا وقد التحق أطر هيئة التدريس بمقرات عملهم في الفترة الزوالية ليوم الأربعاء، لتوقيع محاضر الالتحاق بالعمل والمشاركة في إتمام مختلف العمليات التقنية المرتبطة بالدخول المدرسي بإشراف من المديرين التربويين.

وحرصت الوزارة من خلال هذا المقرر على توزيع متوازن لفترات الدراسة والتحضير للامتحانات، وكذا العطل المدرسية، حيث عملت على برمجة عطلة مدرسية بعد كل سبعة أسابيع من الدراسة في المتوسط، مع توحيدها بين التعليم المدرسي والجامعي.

 

جورنال أنفو – منال رضيان

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.