جريدة رقمية مغربية
متجددة على مدار الساعة
اشهار ANAPEC 120×600
اشهار ANAPEC 120×600

الجرائم ضد الأصول.. حين يتحول الإبن إلى سفاح

 

حكيمة مومني – جورنال أنفو

 

جرائم بشعة، تلك التي اهتز لها الرأي العام المغربي في السنوات الأخيرة، أبطالها “مساخيط” أعلنوا عصيانهم وتمردهم على الدين والقانون، وانتزعوا من قلوبهم الرحمة، ليتحولوا إلى سفاحين بعد أن أجهروا سكينا غادرا في وجوه آبائهم وأمهاتهم انتقاما منهم، تاركين جثتهم مدرجة في دمائها،  بينما هناك من اختار قتلهم على طريقة أفلام الرعب باستعمال أدوات حادة أكثر خطورة مع سبق الإصرار والترصد.

 

مجزرة الفقيه بنصالح.. مأساة لا تُنسى

كانت جريمة الفقيه بنصالح بجوار أولاد بركات التابع لجماعة بوموسى، من أكثر الجرائم البشعة التي انصدم لها الرأي العام المغربي قبل سنتين، بطلها عامل مهاجر مطرود من الديار الإيطالية، وهو أربعيني وأب لطفل، دفعته الشكوك تجاه والديه بأنهما يشجعان زوجته على الدعارة، متهما والده بالتحرش بها، وهي شكوك كانت تراوده منذ سنوات خصوصا وأن زوجته غادرت البيت لأسباب اعترف فيما بعد أنه يجهلها، ليختار الانتقام منهما بطريقة بشعة. وتحت تأثير الأقراص المهلوسة، وفي لحظة هستيرية أقدم في تلك الليلة على توجيه ضربة قاسمة لرأس والدته بواسطة قطعة حديدية فصلتها إلى شطرين، فأرداها جثة هامدة على الفور، قبل أن يهاجم والده في غرفة نومه وهو رجل ثمانيني، كان  قيد حياته مديرا متقاعدا لمؤسسة ابتدائية، ليذبحه بسكين غادر من الوريد  إلى الوريد وتوجيه طعنة غائرة له على مستوى الرأس، ليفظ الأخير أنفاسه فور وصوله إلى قسم العناية المركزة بالمركز الاستشفائي الجهوي لبني ملال.

الجاني كاد أن يرتكب مجزرة بشرية محاولا قتل ابن أخيه وأخته وزوجها بواسطة الماء الحارق، قبل أن يلوذ ابن شقيقه بالقرار لإخطار السلطات الأمنية بالواقعة، فيما تمكنت أخته وزوجها من النجاة بأعجوبة، ليتم نقلهما إلى المركز الاستشفائي الجهوي ببني ملال، بينما تم إيقاف المشتبه به ووضعه تحت تدابير الحراسة النظرية ومن ثم في انتظار إحالته على استئنافية بني ملال من أجل القتل العمد في حق الأصول، ومحاولة القتل

مختل يطعن أمه حتى الموت

لم تكن والدة الجاني  الذي ارتكب ضدها جريمة قتل بشعة بحي “بئر الشفاء” بمدينة طنجة، تدرك أن الاضرابات النفسية التي يعاني منها ستدفعه إلى إنهاء حياتها بهذه الطريقة.

يتعلق الأمر بشاب ثلاثيني، استل فجأة خنجرا ليطعن به والدته البالغة قيد حياتها 60 سنة 3 طعنات على مستوى الوجه وخمسة أخرى في أنحاء متفرقة من جسدها، لتسقط جثة هامدة، حيث تم نقلها مباشرة إلى مستودع الأموات “الدوق دي طوفار” التابع لمستشفى محمد الخامس بالمَدينة، بينما جرى اعتقال الجاني  ووضعه تحت تدابير الحراسة النظرية تحت اشراف النيابة العامة، قبل أن يتبين للشرطة القضائية أنه يعاني خلالا عقليا، حيث جرى تقديمه على أنظار العدالة لتقول كلمتها النازلة.

مسخوط” ينهي حياة والده بسبب خلاف عائلي

ليلة مرعبة تلك التي عاشتها ساكنة دوار ايت القاضي بجماعة اغواطيم التابعة ترابيا لدائرة تحناوت، بعد إقدام شاب في بداية عقده الثاني على وضع حد لحياة والده بالإجهاز عليه بواسطة عصا.

الجاني وجه لوالده ضربات من العصا إلى مختلف أنحاء جسده، وآخرها وجهها له على مستوى الرأس ليرديه قتيلا وسط بركة من الدماء، حيث انتقل عناصر من مركز الدرك الملكي بتحناوت، فور توصلهم باخبارية في الموضوع ، الى مكان الحادث، وتمكنوا من إلقاء القبض على المتهم.

ليتم اعتقاله من قبل مصالح الدرك الملكي ووضعه تحت تدابير الحراسة النظرية قبل أن يتضح فيما بعد ومن خلال شهود عيان، أن الجاني  كان يعاني اضطرابات نفسية بسبب خلاف عائلي كان وراء ارتكابه الجريمة.

قاصر يسدد طعنة قاتلة لوالده

جريمة قتل، لا تختلف حدتها عن باقي الجرائم الأخرى التي لفظ خلالها آباء وأمهات أنفاسهم  على يد أبناءهم، يتعلق الأمر هذه المرة بجريمة سبع عيون التابعة لإقليم مكناس، حيث اعتز سكانها على وقع جريمة قتل بشعة ضد الأصول، بطلها قاصر لا يتعدى 16 سنة أقدم على قتل والده الممتهن قيد حياته حرفة النجارة والبالغ من العمر 65.

تفاصيل الحادثة المأساوية، تعود إلى نشوب صراع بين الأب وابنه جراء خلافات أسرية، تبادلا خلالها الضرب بواسطة الرشق بالحجارة، حيث  عمد الابن إلى أصابة والده على مستوى الرأس والقفص الصدري، أفقدته الوعي قبل أن يستل سكينا يطعن به الضحية على مستوى الظهر أفقدته حياته على الفور.

وكانت الضابطة القضائية للدرك الملكي، أن تمكنت من إلقاء القبض على المتهم الذي كان لازال متواجدا بمسرح الجريمة فيما نقلت جثة الهالك إلى مستودع الأموات بالمستشفى الجهوي محمد الخامس.

 

جزار ينحر أباه على طريقة “داعش

جريمة بشعة في حق الأصول، بطلها شاب بمدينة مكناس أقدم على قطع رأس والده السبعيني بضربة سيف فصلته عن جسده، بعد خلاف عقيم لم يسفر عن حل ودي بين الطرفين.

تعود فصول الجريمة سنتين وبالضبط بحي مولاي عمر بمدينة مكناس،

حيث أقدم جزارا يبلغ الأربعين من عمره، على قتل والده بواسطة سيف حاد لم يترك أي فرصة لفصل الجسد عن الرأس، بعدما وجه له عددا من الطعنات على مستوى البطن، فيما يرجح أن يكون الخلاف المستمر مع زوجة الأب هو الدافع وراء ارتكاب الجاني الجريمة البشعة إضافة إلى إدمانه ا على المخدرات..

الجاني أصيب بصدمة بعدما استفاق من تأثير الحبوب المهلوسة التي كان يتعاطاها، ليسلم نفسه فورا  للمصالح الأمنية فيما نقلت الجثة إلى مستودع الأموات.

 

محسن بنزاكور: تراجع سلطة الآباء وضعف البرامج التعليمية سببا في الآفة

أستاذ ومحلل نفساني اجتماعي

 

لاحظنا في الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة الجرائم ضد الأصول داخل مجتمعنا المغربي، والتي راح ضحيتها العشرات من الآباء والأمهات لأسباب واهية، ما تفسيركم لذلك؟

أولا كانت للأسر المغربية  في السنوات الماضية قوة التحكم في أبناءها بمعنى أنها كانت لها سلطة، تفرض عليهم احترام ذويهم، فضلا عن تماسكها وأن عمادها الأخلاق واحترام الغير والتعاون، وهي قيم إسلامية  كانت مترسخة لديها، قبل أن تظهر عوامل اجتماعية متداخلة  فرضها العصر الحديث لتؤثر على سلوك الفرد مع محيطه الأسري قبل أن تؤثر على علاقاته مع العالم الخارجي.

وما هي هذه العوامل أو المؤثرات التي ستدفع بالأبناء إلى حد ارتكابهم جرائم القتل؟

طبعا هناك تفسيرات كثيرة، على رأسها سهولة الوصول إلى المخدرات، بحيث نجد أن المراهق اليوم يكفي أن يحصل على 5 دراهم من والديه كي يشتري حبوب مهلوسة “القرقوبي” ويفقد بالتالي وعيه، والقرقوبي كما نعلم يروج داخل الأحياء الشعبية كما يروج أمام أبواب المدارس، ناهيك عن غياب الوعي لدى عدد من أولياء الأمور بخطورة هذا الأمر حين يجدون إعطاءهم المال الوسيلة الناجعة للتخلص من مشاكلهم دون محاولتهم لمعرفة مصير  ذلك المال، وهي عادة خطيرة من شأنها أن تدفع الفتى يوما إلى التمرد على محيطه حين لا يصبح بإمكانه اقتناء “القرقوبي” بسبب عدم توفره على النقود. فضلا عما نسميه بغياب العناية الاجتماعية والتي من المفترض أن تساهم فيها الدولة من خلال فتحها مراكز الإيواء أمام الشباب العاطل، إذ لاحظنا أن الفئات العمرية  التي تتراوح ما بين 15 و 25 سنة،  هي أكثر عرضة للمؤثرات الخارجية خصوصا حين لا تجد أمامها لا برامج ولا مؤسسات ثقافية تُعنى بها ولا جمعيات رياضية لإعادة تأهيلها وإدماجها، وإن كانت هناك جمعيات تنموية  لكنها تبقى شبه غائبة.

أيضا هناك عامل آخر، يتعلق بالحرية والتي أخدت للأسف أبعادا تربوية عشوائية داخل أغلب الأسر، ما يشجع الإبن على الانتقاص من قيمة والديه، وبالتالي النظر إليهما كعدو، خصوصا حين نصادف بعض الأبناء وهم يخاطبون أمهاتهم بـ “علاش ولدتيني”. وهي عبارة خطيرة من شأنها أن تتطور إلى تصرف عدواني قد لا يحمد عقباه، ما يفيد أنه بمجرد النطق بها تكون علاقة الاحترام قد تكسرت.  أيضا حتى لا ننسى العامل الأكثر خطرا والمتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، فلا نعتبرها سببا مباشرا وراء ظاهرة الجرائم ضد الأصول، لكن يمكن القول إنها تساهم بشكل أو بآخر في ارتكابها، وذلك من خلال تحريض الشباب فيما بينهم على التحدي السافر لكل المعايير والقيم الأسرية، فضلا عن التباهي بينهم بالجرائم والانتقاص من الأصول وغيرها من الوسائل التي تٌنقل عبر المواقع الإلكترونية.

وما هي الحلول في نظركم للحد من هذه الآفة؟

أولا يجب إعادة النظر في برامج المؤسسات التعليمية بالمغرب التي أصبحت تنفصل يوما بعد يوم عن واقع المجتمع، فلا نراها تواكب مشاكل الشباب المراهقين في عصرنا الحالي، بالمقابل لا نجد سوى وضعا أكثر مأساوية داخل هذا القطاع، حين يدفع الملل التلميذ إلى الهدر المدرسي، أو يختار الغش في الامتحان وسيلة للانتقال إلى مستوى آخر، ما يعني وجود خلل في تربية التلاميذ وتكوينهم رغم أنه كان من الأجدر تحسيسهم بتداعيات هذا النوع من السلوك، على اعتبار أنها مرحلة مهمة  يكون فيها الإنسان شخصيته، إضافة إلى الإعلام وما يجب أن يلعبه كدور أساسي في إعادة بناء شخصية الطفل أو المراهق، وهنا أوجه النداء إلى الآباء حين يكون أبناءهم يشاهدون التلفاز، إذ عليهم أن يجلسوا بجانبهم ويراقبونهم كي لا تتأثر مخيلتهم بأشياء خطيرة كالتي تظهر لنا في أفلام الرعب أو الآكشن .

أيضا الحرية حين تُفهم بشكل خاطئ ويذهب اعتقاد الشاب إلى القيام بما يحلو له، يكون حينها ضاربا حدود القوانين والأخلاق والدين و المجتمع عرض الحائط، وهو ما يسميه الدكتور الراحل المهدي المنجرة بالجهل المكعب، كما أن السلطات الأمنية عليها القيام بدورها من خلال محاربة المخدرات والتعاطي لها في صفوف الشباب بمن فيهم التلاميذ، أيضا على السياسي أن يُحسن من صورته أمامهم وان يقوم بوظيفته على أكل وجه، حتى يكون قدوة بالنسبة إليهم بدلا من أن يتهمونه بـ “شفار” وأن يروجوا عنه كلاما لا يليق به، فالمواطن عموما هو كائن اجتماعي بطبعه لا يُخلق من فراغ وإنما من قيم.

الإعدام.. مصير ينتظر الأبناء الجُناة

قال المحامي منير أبو العزائم .. إن المشرع يعاقب كل من تسبب عمدا في قتل غيره بالسجن المؤبد كما هو وارد في مقتضيات الفصل 392 من القانون الجنائي المغربي، مشيرا إلى أنه حين وقف المشرع أمام جريمة الأصول، رفع من العقوبة إلى الإعدام مباشرة كما جاء في الفصل 396 . والمقصود هنا بالأصول الأب والأم والجد والجدة وما فوقها.

وأوضح أبو العزائم في تصريح لـ “جورنال أنفو” أن المشرع ضاعف من العقوبة ضد الفروع مقارنة مع باقي الحالات المعزولة، إذ أنه في الفصل 402 من القانون الجنائي يقول : “إذا كان الضرب والجرح أو غيرهما من وسائل العنف تجعل الضحية يفقد أحد أعضاءه أو الحرمان من منفعته، فإن المتهم يعاقب من 5 إلى 10 سنوات، بينما في حالة الأصول تكون العقوبة أشد تصل إلى 20 سنة، وقد يستفيد الجاني خلالها بظروف التخفيف بناء على الدوافع النفسية والعوامل الاجتماعية التي دفعته لارتكاب الجريمة، بينما نص المشرع في حالة القتل العمد ضد الوالدين مع الإصرار والترصد على عقوبة الإعدام .

وأضاف أبو العزائم أنه أمام الجدل القائم حول تنفيذ حكم الإعدام بالمغرب أو إلغاءه، فإن المتهم يُسجن مدى الحياة إلى حين استفادته من عفو ملكي بالنسبة لبعض الأشخاص، في حين يكون مصير أغلبهم المؤبد.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.